بلد الصداقة والسلام، وموطن العمل الإنساني يعجّ بالنماذج الإنسانية المتفردة الفذة والتي أضحت مضرب الأمثال، ومنارة مشعة يستضاء بنورها في كل الميادين ومختلف العلوم. صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ـ حفظه الله ورعاه ـ وصلت أيادي سموه البيضاء لمختلف الشعوب والدول التي عانت ولاتزال تعاني من الكوارث الطبيعية أو الحروب، لتكون بلسما يداوي المنكوبين، ومرهما يخفف وطأة ما يقاسونه من تلك الكوارث، في وقت عزت فيه اليد الممدودة دون مقابل، ليزكى بما يستحق من قبل الأمم المتحدة قائدا للعمل الإنساني على مستوى العالم بأجمعه.
الشيخ الجليل د.عبدالرحمن السميط (رحمه الله) خالد في الوجدان، دخل القارة الأفريقية ليروي العطشى، ويطعم الجائعين بالعمل الخيري، ود.سعاد الصباح منارة أدبية وضاءة، وقامة شعرية رفيعة، إبداعاتها لهج على الألسن، ومحل حديث الصالونات الأدبية، وهناك على الضفة الأخرى «الأسطورة» جاسم يعقوب وسعد الحوطي وفتحي كميل وفيصل الدخيل في المجال الرياضي، وعبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وعبدالكريم عبدالقادر وعبدالعزيز المفرج (شادي الخليج) في الفن، وغيرهم كثير والنماذج المشرقة أكبر من أن يتسع لذكرها هذا المقام السريع، كما أن الأمر - ولله الحمد - ليس حصرا على النماذج الفردية الملهمة فهناك العديد من المؤسسات الكويتية الخيرية التي تضع مساعدة الإنسان على رأس أولوياتها، وأسهمت عبر عقود طويلة ولاتزال بتقديم الكثير من العمل الجاد المتزن.
الشدائد تصقل معدن الإنسان، فهي كما النار للحديد، تخرج خبثه وتزيد صلادته، وما أن فاجأتنا جائحة كورونا بفيروسها الخانق كوفيد-19 حتى تجلى أبناء الكويت من المتطوعين، وهم يقبلون على خدمة بلدهم زرافات ووحدانا، بعدما تنادوا من كل حدب وصوب من مناطق الكويت، شيبا وشبانا، رجالا ونساء، يهطلون مدرارا كما المطر، يهبون كريح طيبة، في مشهد فزعة كويتية متكامل، ليعرضوا كامل إمكاناتهم للمحاجر المؤسسية والمستشفيات والجمعيات، بل وفي كل مجال يتطلب كوادر بشرية متخصصة وغير متخصصة خدمة لوطنهم، اجتهدوا في عملهم، وتفانوا في تأدية المهام المناط بهم تنفيذها دونما خجل أو وجل من الإصابة بمرض كوفيد-19، ليقفوا في الصفوف الأمامية جنبا إلى جنب مع إخوانهم في وزارة الصحة، و«الداخلية» و«الدفاع»، والحرس الوطني، والإطفاء، والبلدية، وغيرهم من أبناء الكويت، ليرتقوا في أيام قصار وبرفعة مستحقة ليصبحوا منارة أخرى إلى جانب المنارات الإنسانية الشامخة في وطن الصداقة والسلام.
٭ بدأت تتسرب في اليومين الماضيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، صور مركبة هنا، أو «فيديو» يغمز ساخرا من بعض المتطوعين هناك، ومثل هذه النشاطات «العنكوبتية» يجب ألا تفتّ من عضد الشباب وهمتهم العالية، فما قاموا ويقومون به محل تقدير عال من الجميع.. وأشرقوا كل يوم نورا في صباح الكويت.
[email protected]