«الله يستر من هالسنة» منذ شهر يناير الماضي قبل ستة أشهر، وكثير منا يردد هذه الجملة، بدأت بتوتر وقلق وبإشارات واضحة لحرب جديدة، توقعها الراصدون بداية نذر حرب عالمية ثالثة، علا قرع طبولها في الخليج العربي، لكن - ولله الحمد - انتهت بقصف لقاعدة أميركية ردا على اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في بغداد.
ما أن تنفسنا الصعداء، وهدأت روعة أنفسنا من قلق حرب مدمرة في الخليج، حتى صدمتنا بذات الشهر منظمة الصحة العالمية بإعلان حالة طوارئ عالمية منذرة بتفشي وباء فيروس كورونا، وكأن لسان حالها يقول «كفاكم التطاحن فيما بينكم، اجمعوا قدراتكم، وطاقاتكم، وأسلحتكم، وحاولوا القضاء على هذا الكائن المتناهي في الصغر»، ليدخل العالم أجمع في حالة من الصدمة المفزعة والوجوم المرعب، بعدما أخذ الوباء في الانتشار في جميع الدول، وحصد الأرواح بالآلاف يوميا، دونما تمييز.
والإنسان بطبعه كائن سريع التكيف، ومع إجراءات عالمية موحدة في أغلب دول العالم أوقفت معها أغلب أوجه الحياة، فرضت الحكومات الحظر بنوعيه الكلي والجزئي، درءا للوباء الفتاك، وتقليلا لخسائره الفادحة، ليصبح الخطاب اليومي في المعمورة على مستوييه الرسمي والشعبي موحدا، يبدأ أو ينتهي بواحدة من مفردات ثلاث تبدأ بحرف الكاف «كورونا، كوفيد، كمام!» دونما استغراب من المتلقي، أما «الحوار الداخلي» مع الذات، فذاك ذو أبعاد عدة، بحسب الشخص وطباعه، والوقت المتاح له معها، وعساه ألا يسترسل في الحديث الصامت، ولا يعود بخيبة د.إكرامي قورة «رحلت عن الهموم لشط نفسي.. أحاورها وأسأل عن خلاصي.. ففاجأني انقسام النفس مني.. إلى نفسين كل باختصاص».
العيد الكبير أقبلت بشائره، ولا من جديد تحت الشمس، ونردد مع المتنبي «بأية حال عدت يا عيد؟!»، والثلث الأخير من العام الميلادي على وشك أن يبدأ ولا من لقاح يكبح الجائحة، وينهي المعاناة العالمية، ويزف البشرى للبشرية، والأيام تمضي مسرعة وبطيئة بذات الوقت، والجمع يمضي أيامه ولياليه بين وجل من اليوم ورتابة ساعاته المقيتة، وقلق من الغد القريب إذا ما جاء بأسئلة عارية بلا إجابات شافية.. وذلك همّ لا تقدر النفس على مصارعته طويلا.
[email protected]