ما أن انتهت مراسم العزاء في وداع شخصية أجمع العالم على سمو ورفعة صاحبها، وحنكته السياسية، وحكمته القيادية، الراحل الكبير سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - حتى باشرت أسرة الحكم والخير، أسرة الرأي الجامع، والكلمة الواحدة، بقيادة صاحب السمو الأمير المسدد بحفظ الله ورعايته الشيخ نواف الأحمد، عهدا جديدا ومتجددا لواحة السلام، ووطن الصداقة والإنسان، عهدا يأتي امتدادا أصيلا لإرث الراحل الكبير، ومن سبقه من القادة الكبار الذين حباهم الله الإمارة والقيادة، وأكرم شعب الكويت بقلوب حانية تتفقد أحواله، وعيون ساهرة على راحته وشؤونه.
في أغلب الدول العام، إمارات كانت أو ممالك أو جمهوريات، ما أن يحدث تغيير في قمة الهرم السياسي للدولة، حتى ينشغل الشعب بمختلف أطيافه وطبقاته الاجتماعية، والثقافية، والعلمية، والعسكرية، بحثا وتنقيبا عن معلومة هنا، أو قراءة هناك، تفيده بالتعرف على قيادته الجديدة، وجهتها السياسية، ورؤيتها المستقبلية، أو حتى صفاتها الشخصية، ليستدل مما يقرأ أو يسمع على مآل الحال على جميع الأصعدة، لكن هذا الأمر لا تجده في الكويت ولله الحمد، فما أن تسأل عن أحد رجالاتها الكبار من أسرة الكرام، حتى يبادرك المقابل بذكر القيم النبيلة، والمناقب الحميدة، وتعداد المآثر الكثيرة لصاحبه، فتأخذه حماسة الحديث، حتى تكاد تظن بأنه يحدثك عن أحد أحبائه الأقربين من الدرجة الأولى، أو هو كذلك بالفعل.
لعل من جميل ما تمتاز به الكويت عمن سواها، تلك الحالة التي تصل حد التمازج بين أسرة الحكم والشعب، فرجال الأسرة الكريمة بين أفراد شعبهم في كل حين، أفراحا وأتراحا، رخاء وشدة، يسرا وعسرا، «ديوانياتهم» مرحبة على الدوام بضيوفها من مختلف أطياف المجتمع الكويتي، وزياراتهم الاجتماعية المحببة إلى النفس لا تنقطع، إلا بمهمة رسمية، أو متابعات لشؤون الوطن والمواطن، وقد يظن القارئ غير الملم بالشأن المحلي أن الأمر لا يعدو كونه علاقات اجتماعية لا أكثر، وذلك ما يخالف الحقيقة وواقعها الذي يشهده المجتمع الكويتي، فالقضايا المحلية والإقليمية حاضرة في اللقاءات الاجتماعية أو «النقاشات الكويتية» إن شئت تسميتها، والرأي الآخر حاضر على الدوام، ويحظى باحترام وتقدير كبيرين، وذلك لعمري مما جبلت عليه الكويت منذ نشأتها تحت قيادة الحكم الرشيد.
السمع والطاعة لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي العهد الأمين الشيخ مشعل الأحمد، ونسأل المولى عز وجل برحمته أن يسدد خطاهما لما فيه خير الكويت وأهلها والأمتين العربية والإسلامية والبشرية جمعاء.
[email protected]