ما يدور في الوزارات من معاناة مستمرة للمواطنين يعكس تفشي الفساد في جميع هذه الوزارات، فعلى مدى سنوات طويلة مضت ونحن نستمع إلى شكاوى كثيرة من المواطنين بسبب المعاملة السيئة التي يلقونها من الموظفين في الإدارات والمؤسسات الخدمية التي من المفترض أن يقوم كل من يعمل فيها بتسهيل إجراءات المراجعين وإعانتهم على إنجاز معاملاتهم من خلال تأدية الواجبات الوظيفية المكلفين بها ولا شك أنه من الطبيعي جدا أن يكون تعامل الموظفين في هذه الوزارات والمؤسسات مع المواطنين بالمحبة والرحمة، لكن من المؤسف جدا أن تتغير كل هذه السلوكيات والمبادئ الأساسية في التعامل عندما يذهب المواطنون إلى أي من هذه الوزارات لإنجاز معاملاتهم ويلقون القسوة والغلظة تملأ وجوه هؤلاء الموظفين ويشعر المواطن بأنه يطلب منهم الإحسان بسبب سوء المعاملة والتجاهل والغلظة في التعامل والشدة في الحديث، ويبدأ المواطن يتوسل إلى الموظفة أو الموظف الذي لا يعلم أنه وضع في هذا المكان ليقوم بخدمة المواطن وتسهيل معاملاته. وقد احتار أمري في هؤلاء الموظفين فكثيرا ما وجهت إليهم الانتقادات لكننا لم نر أو نسمع ردة فعل حازمة.
نعلم جميعا أن وزاراتنا مليئة بهذه الأمثلة السيئة، ولكن ما دفعني إلى التحدث في هذه القضية هو ما شاهدته قبل بداية شهر رمضان الكريم بأيام في مجمع محاكم الرقعي، فرأيت هناك ملصقات تشير إلى أن الدوام ينتهي في الثانية عشرة ظهرا علما بأنهم يمتنعون عن قبول المعاملات بعد الساعة العاشرة صباحا ويقف على الباب الهندي باشا الآمر الناهي الذي إذا رق قلبه على أحد المراجعين يكون هو واسطته لقبول معاملته وتسهيلها، هذا بالإضافة إلى الفوضى العارمة بسبب اختلاط الرجال بالنساء في صالة واحدة ولا وجود للنظام، والواسطة هي الحل الوحيد لهذه المعاناة إضافة إلى التحدث بصوت عال مع المراجعين ليعلم جميع الموجودين ما المشكلة التي أتى المراجع أو المراجعة من أجلها إلى هذا المكان فيقوم الموظف بصوته العالي وينادي «الأخت المطلقة.. هناك ورقة نحتاجها» على سبيل المثال، وتنظر المسكينة بخجل إليه بعدما علم الجميع سبب مجيئها، وأمثلة أخرى كثيرة لا أريد التطرق إليها، والأكثر من هذا هو تجاهل الموظف للمراجع عندما يقوم بالتحدث مع زميله أو زميلته ويترك المراجع واقفا يستمع إلى أحاديثه وضحكاته مع زملائه دون أن يعيره أي اهتمام وإذا قام المراجع بقطع حديثه بالسؤال عن معاملته يكون التجاهل هو الرد أو إرساله إلى غرفة أخرى فيقال له: معاملتك ليست هنا بل هناك، ليضيع وقت المراجع وجهده دون فائدة. وهناك أيضا مفارقة أخرى كبيرة شاهدتها في معظم وزاراتنا فقبل أن يقوم المؤذن للصلاة يقوم جميع هؤلاء ويذهبون إلى صلاة الظهر وعندما تنتهي الصلاة ينتهي الدوام، أفلا يعلم هؤلاء أن العمل عبادة ألا يعلمون أن الله مطلع على قلوبهم وأفعالهم جميعا.
تجاوزات كثيرة تحدث في وزاراتنا ومؤسساتنا فمتى سيكون هناك رقيب لكل هذه التجاوزات التي مللنا الحديث عنها ولكني سأظل وراءها حتى تختفي من مجتمعنا.
[email protected]