منذ أيام بدأت فعاليات معرض الكتاب في الحبيبة الكويت وبدأ الناس يتوافدون كالمعتاد وكما يحصل في كل عام إلى المعرض لاقتناء الكتب التي تستهويهم والتي يودون مجازا ان يثقفوا أنفسهم ويزيدوا من معلوماتهم في كل التخصصات وفي الحقيقة يعتبر معرض الكتاب فرصة للقراء للحصول على اكبر كم من المعرفة.
عادة في كل سنة اذهب إلى معرض الكتاب في آخر يوم له لكي أحظى بالتركيز بعيدا عن الازدحام على ما يروقني، ودائما ما تستهويني الكتب التاريخية والسياسية إلى جانب الأدب والفنون والإعلام لتنمية قدراتي وأفكاري ككاتب صحافي وإعلامي، ولكن في هذا العام ذهبت باكرا على غير العادة لكي أحصل على كتاب قام بتأليفه المهندس المعماري الكويتي: صباح محمد الريس والذي يعتبر من الرواد في الكويت في مجال الهندسة، يحمل عنوان «تاريخ الهندسة في الكويت» «قصة وطن في سيرة ذاتية».
سابقا كنت أستمع بشغف إلى ما يرويه م.الريس عن معاصرته لكثير من الأحداث التاريخية في الكويت وخصوصا في مجال الهندسة والعمارة، ولكنه اليوم وثق تلك المسيرة في كتاب يحمل في طياته الكثير، وكيف كانت المتغيرات والأحداث ومراحل تطورها بين الماضي البعيد والحاضر وإلى يومنا هذا، وأنا واثق كل الثقة بأن هذا الكتاب الثمين سيصبح مرجعا مهما جدا لكثير من فئات المجتمع في الكويت وخارجها.
لكن لماذا تعتبر مثل هذه المؤلفات ثمينة؟
هناك ظاهرة سلبية جدا في كمية المحتوى الرخيص الذي ملأ أرفف دور النشر على مدى سنوات وكمية من العقول الرخيصة التي تتسابق إلى اقتناء السذاجة التي قام بتأليفها ساذج!!
وعلى الرغم من ذلك فالمحتوى الثمين لا زال موجودا ومتوافرا بشكل كبير، ولكن الخلل في قاعدة الاستقبال وهم القراء أو بمعنى أصح البعض منهم.
من الطبيعي جدا عندما تريد أن تحصل على معلومة عن بلد من البلدان فإن أفضل المعلومات ستجدها لدى أبناء البلد نفسه، ولكن هناك معضلة ومشكلة كبيره بل تكاد تكون كارثة عندما تأتي ألى مواطن من مواطني أي بلد ولا يعرف أن يصف لك بلده الذي ولد وترعرع وعاش فيه وعاش أجداده أيضا، وخصوصا فئة الشباب الذين من المفترض انهم يتفوقون على غيرهم بالمعلومات لأنهم متعلمون ومن المفترض أيضا أن تعليمهم وقراءة التاريخ لبلدهم أضاف لهم الكثير.
وهذه المشكلة الكبيرة لم أتطرق لها إلا لأني رأيت وسمعت في موقف من المواقف المحزنة، عندما سأل أحد الأساتذة الجامعيين طلبته من الكويتيين، «من هو مبارك الصباح الذي يلقب بأسد الجزيرة؟»، فكانت الإجابات مخزية بالنسبة إلى طلاب جامعة!! فهم لا يعرفون هوية هذه الشخصية فكانت إجابتهم بأنه شيخ من الشيوخ من الأسرة الحاكمة في الكويت فقط!!
لذلك لابد من وجود مؤلفات مشابهة لما تطرق له م.صباح الريس في كتابه تتحدث عن الوطن في كل جوانبه ولا بد من غرس المواطنة الحقيقية بالمعلومات الوطنية التاريخية والمعاصرة، ولتصحيح المسار الخاطئ الذي بات مسلكا للكثير، فالانتماء للوطن ليس فقط في وثيقة أو ورقة حكومية تثبت المواطنة، الانتماء للوطن ثقافة ومعرفة بكل الجوانب المحيطة بالوطن ومواكبة مراحله وإلمام كامل برجالات وصناع الوطن.
[email protected]