يتفاخر المحامون دائما بنشر صورهم مع خبر بحصول موكلهم على حكم البراءة، وذلك في الصحف اليومية ومواقع الصحف الإلكترونية، وهذا أمر مقبول حين يروج المحامي عن نفسه والجهود التي بذلها لاستنطاق حكم البراءة من محكمة الجنايات أو محكمة الاستئناف أو حتى محكمة التمييز.
أما أنا، فإن ذلك يزعجني ليس لبراءة المظلوم من المحالين للمحكمة وهذه حالات قليلة جدا، ولكن لبراءة شخص متهم بارتكاب جريمة خاصة الاتجار والتعاطي في المخدرات.
حصول المحامي على البراءة لموكله يأتي اغلبها إما نتيجة خطأ في إجراءات الضبط والتفتيش من قبل ضباط الشرطة والمباحث او خطأ في كتابة محاضر التحريات والضبط، لكن حين يكون الحكم عدم النطق بالعقاب أو الامتناع عن العقوبة، فإن ذلك إدانة للمتهم مع منحه الفرصة لعودة الحياة الطبيعية بعيدا عن السلوك الإجرامي.
حين كنت مدير مكافحة المخدرات كنت أتابع الأحكام، وما أن يصدر حكم ببراءة متهم في قضية مخدرات إلا وأسعى دائما للحصول على حيثيات الحكم لأعرف مسببات البراءة للمتهم حتى أتجنبها لاحقا.
في احدى القضايا التي مرت علي، قام احد المتهمين بتسليم قطعة من الحشيش الى مصدري السري، وبعد أن تيقنت من المادة دونت محضر تحريات وطلبت من المصدر شراء قطعة من الحشيش وزودته بمبلغ 10 دنانير، وتم الاتفاق على التسلم والتسليم وتمت عملية الضبط، وبتفتيش المتهم عثرنا على كمية من الحشيش بحوزته، وبعدها دونت محضر ضبط وتفتيش في الواقعة وبينت الإجراءات التي تمت بما فيها تسلم قطعة من الحشيش كعينة، حيث حرزتها مع المضبوطات.
النيابة حققت في القضية وحبست المتهم، لكن بعد ذلك صدر حكم محكمة الجنايات وتأييد من محكمة الاستئناف وكانت البراءة للمتهم، وبعد ان اطلعت على حيثيات الحكم، تبين أن ما قمت به من اجراء هو خطأ قانوني، حيث لم اسجل قطعة الحشيش التي تسلمتها من المتهم كعينة في محضر التحريات الموقع من النيابة قبل عملية الضبط.
أتمنى من اللواء خالد الديين الوكيل المساعد لشؤون الأمن الجنائي إنشاء قسم يتبعه مباشرة يكون من مهامه:
٭ متابعة الأحكام الصادرة من المحاكم وخصوصا أحكام البراءة للاطلاع على حيثيات الحكم ومعرفة أي أخطاء إجرائية ارتكبها ضباط المباحث أو ضباط الشرطة لتصحيح تلك الإجراءات لاحقا.
٭ تدريب ضباط المباحث نظريا وعمليا على إجراءات الضبط والتفتيش بشكل مستمر ودائم حتى يتلافوا الأخطاء الإجرائية في عمليات الضبط.
٭ تدريب ضباط المباحث على صياغة محاضر التحريات ومحاضر الضبط والتفتيش دون أخطاء لغوية أو قانونية.
إن براءة متهم ارتكب عدة سرقات أو ارتكب عملية تزوير بسبب خطأ في الإجراء أو في كتابة محضر الضبط والتفتيش هي ضياع لحقوق أناس تنتظر صدور حكم من المحكمة ضد هذا المتهم للحصول على حقوقهم في التعويض المادي، فالواجب أن ننصف هؤلاء الناس المظلومين وان يشعر ضباط المباحث بالسعادة حين يرون أن جهودهم التي بذلوها جاءت بالنتائج الإيجابية وأودعت احد المجرمين السجن وأبعدته عن أذى الناس.
[email protected]