أحال وزير الداخلية السابق الشيخ محمد الخالد 156 مدعيا عاما ورئيس تحقيق ممن أكمل الثلاثين عاما في وظائفهم الى التقاعد، استنادا إلى المادة 76 من قانون ديوان الخدمة المدنية.
تحرك الجميع في حينها مناشدين القيادة السياسية إلغاء القرار، كما تحركوا صوب مجلس الأمة لثني الوزير عن قراره، لكن القرار تم تنفيذه حسب التاريخ المحدد له.
ولأن قرارات الإحالة الى التقاعد جاءت فردية، فإن الكثير منهم سارعوا الى رفع الدعوى القضائية ضد القرار، بادعاء انه يجب معاملتهم معاملة أعضاء النيابة العامة والقضاة الذين سمح لهم بالبقاء في وظائفهم حتى سن الخامسة والستين عاما.
محاكم الدرجة الأولى الإدارية أصدرت أحكاما في بعض القضايا ألغت قرار وزير الداخلية وطالبت بإعادة المشتكي الى وظيفته، بينما صدرت أحكام بتأييد قرار الإحالة الى التقاعد.
في مقال سابق ناشدت فيه وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح بمنح المدعين المحالين للتقاعد راتب سنة أو سنتين على أن يسحب المحالون دعواهم أمام المحاكم وعدم التفكير بالعودة الى الوظيفة، احتفاظا بتاريخهم السابق الذي بنوه بشق الأنفس.
وفي خطوة مفاجئة، قابلت مجموعة كبيرة من المدعين المحالين للتقاعد وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح وناشدوه بإعادتهم الى الوظيفة كمحققين متنازلين عن مناصبهم السابقة مع استعدادهم لإسقاط الدعاوى المرفوعة ضد وزارة الداخلية وإعادة المستحقات المالية التي تسلموها من الوزارة أو من التأمينات الاجتماعية.
وزير الداخلية استوضح من مدير عام التحقيقات الأمر، ثم أمره بمخاطبة إدارة الفتوى والتشريع وديوان الخدمة المدنية وجاءت الردود بصحة القرار الذي أصدره وزير الداخلية السابق الشيخ محمد الخالد بإحالتهم للتقاعد.
آخر الكلام:
أشرت في مقال سابق الى أن المحققين رفعوا دعاوى قضائية مطالبين بإعادتهم الى الوظيفة وتعويضهم ماديا عما تعرضوا له، وقد أبديت رأيي في ذلك، متمنين من الشيخ خالد الجراح وزير الداخلية تعويضهم ماديا لصعوبة عودتهم الى الوظيفة.
البعض من المحققين علقوا منتقدين رأيي، وانهم سيحصلون على حقهم عن طريق القضاء، أما البعض فقد أيد رأيي، متمنين التعويض المادي.
من عارض ومن أيد من المحالين فإنهم بعد ذلك قدموا كتابا موقعين عليه يناشدون الوزير إعادتهم للوظيفة متنازلين عن كل مطالبهم التي قدموها للمحاكم.
من يطمح من المحالين للتقاعد بالعودة الى وظيفة محقق دون منصب ويتصور انه سيكون مكانه داخل الإدارة بعيدا عن المخافر، وذلك تجنبا للحرج عندما يكون رئيس تحقيق حديثا يصبح مسؤولا على من عادوا من رؤساء التحقيق، فإن عودته للعمل داخل الإدارة أمر صعب المنال.
أنا أعلم علم اليقين أن مقالي هذا ستكون له ردود أفعال سلبية لدى البعض من الأخوة المحققين المحالين الى التقاعد، معتقدين أنني صاحب قرار ولا يدركون انني صاحب رأي ليس إلا، وهذا ما اعتقده الضباط المحالون للتقاعد في رأيي عندما تحدثت عن رغبتهم بالعودة الى الوظيفة.
وضع المحالين للتقاعد من المحققين أفضل بكثير من وضع الضباط المحالين للتقاعد، حيث انهم يحملون شهادة الحقوق، والكثير منهم افتتح مكتب محاماة أو عمل في مكتب محاماة، بخلاف الضابط المحالين للتقاعد.
لهذا، مازلت متمسكا برأيي، مناشدا وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح بتعويض المحققين المحالين للتقاعد تعويضا ماديا بمنحهم عاما من راتبهم التقاعدي والاكتفاء بذلك حتى لا نكسر القوانين والقرارات.
[email protected]