ها نحن ندخل عام 2019 ومازالت خسائر ما يسمى بثورات الربيع العربي مستمرة من قتل وتعذيب واغتصاب وتدمير وتهجير في الوقت الذي يسرح ويمرح فيه منادي هذه الثورات في فنادق تركيا وأوروبا أو ينعمون بالأمن والأمان في أحضان زوجاتهم وبين أبنائهم في منازلهم التي تبعد آلاف الكيلومترات عن مواطن الثورات وأبناؤهم يدرسون في أرقى الجامعات الأميركية والأوروبية.
فهذه سورية المدمرة فقدت أكثر من نصف مليون قتيل وما يقارب الخمسة ملايين مهجر ومشرد وعشرات الآلاف من المصابين الذين فقدوا أطرافهم نتيجة هذه الثورة، ومازال النظام البعثي النصيري يحكمها بزعامة بشار الأسد، بل وها هي الدول العربية تعيد حساباتاها السياسية تجاه نظام الحكم في سورية، فبعضها بدأ فعليا بفتح سفارتها والبعض الآخر بدأ يتقارب سياسيا مع النظام السوري ليعيد علاقته معه بعد أن شاهد تقاسم كل من روسيا وإيران وتركيا للنفوذ السياسي والعسكري للأراضي السورية مما يشكل خطرا مستقبليا على المنطقة من خلال نفاذ نفوذ هذا التحالف على دول الجوار خاصة أن إيران مسيطرة فعليا على العراق ولبنان ما يعني تطويق دول الخليج العربية.
فعندما أفتى كبار العلماء بعدم جواز الثورات والخروج على الحكام متبعين في ذلك سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة صحابته رضي الله عنهم وفقا لما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سلام قال: «قال حذيفة بن اليمان قلت: يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر، قال: نعم، قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟، قال: نعم، قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟، قال: نعم، قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟، قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع». سخر منهم منظرو الإخوان المفلسون ومن افتتن بالثورات ونعتوهم بعلماء السلطان في الوقت الذي كان فيه منظرو الإخوان قبل الثورات يتسابقون ويتزلفون إلى الحكام في سورية وفي ليبيا وغيرها من دول العربية مادحين هؤلاء الحكام مثلما فعل سلمان العودة بمدحه للقذافي ومدح يوسف القرضاوي لبشار الأسد.
وبعد أن اندلعت هذه الثورات ما الذي استفادت منه هذه الشعوب؟ فليبيا مازالت مضطربة سياسيا وتعيش في صراع مسلح بين عدة فصائل طلبا للحكم واقتصادها منهار وشعبها ازداد فقرا.
وتونس لم تتغير عن أيام حكم زين الدين بن علي بل زاد فقر شعبها وبدأت حكومتها تخالف شرع الله بموافقتها على مساواة الرجل بالمرأة في الميراث ومازالت دور الدعارة تعمل رسميا ولم تطبق شرع الله الذي كان الإخوان المفلسون يرفعون شعاره عندما قادوا الثورة.
أما سورية فقد أصبح الشعب السوري غريبا في وطنه بعد أن سيطرت كل من تركيا وروسيا وإيران على مفاصله وهي التي ترسم سياسته وتحدد مستقبله ومصيره.
٭ قد يقول البعض إن نظام الحكم السوري نصيري بعثي وقد كفّر العلماء حزب البعث ولهذا وجب الخروج عليه.
ونحن نقول له إن الخروج على الحاكم الكافر له شروط منها القدرة العسكرية على إزالته وأن يكون الجيش الذي يريد إزالته جيش موحد تحت راية قائد واحد بهدف إعلاء كلمة الله وتطبيق شرعه، وهذه الشروط لم تتوافر.
بل قام الإخوان المفلسون بإثارة الشعب السوري للخروج بصدورهم العارية، كما طالب ذلك العرعور ونتج عنه ظهور عدة فصائل عسكرية لها قائد ولها توجه يختلف عن الفصائل الأخرى، وهدفهم ليس تطبيق شرع الله بل الحرية وتطبيق الديموقراطية، فعمت الفوضى ودمرت البلاد وقتل شعبها وشرد. نسأل الله السلامة.
@AL_sahafi