يعيش العالم اليوم متغيرات عديدة تتطلب من الدول النامية مراجعة مسارها التنموي، إذ بات من المستحيل أن تحقق دولة ما متطلباتها بجهودها المنفردة دون أن تلجأ إلى غيرها من الدول لتبادل وتقاسم المنافع المشتركة، كما أن التطورات التي تجري في العالم المتقدم السياسية منها والاقتصادية من شأنها أن تشكل محفزا للدول النامية للقيام بإنشاء تكتلات اقتصادية إقليمية تخدم مصالحها وتمكنها من مواجهة عالم اليوم الذي هو عالم التكتلات الاقتصادية الكبرى.
كما يشهد العالم توجها متزايدا نحو إقامة التكتلات الاقتصادية، مما يفسر هذا التنامي المتزايد لهذه الظاهرة كعلاج للمشكلات الاقتصادية الحرجة على الصعيد الدولي، حيث تهدف هذه التكتلات إلى تحقيق غايات اقتصادية وسياسية واجتماعية بالإضافة إلى تسهيل عملية التنمية الاقتصادية، والمساهمة في عملية التكامل الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة. فمن اشهر التكتلات الاقتصادية الاتحاد الأوروبي، التكتل الآسيوي، تكتل دول البريكس. كما أن لهذه التكتلات أشكال عدة مثل الاتحادات الجمركية، الأسواق المشتركة وغيرها. إضافة إلى أن هنالك متطلبات أساسية لإنشاء مثل هذه التكتلات الاقتصادية كعقد الاتفاقات الدولية من أجل تحديد الأنظمة القانونية ورعاية مصالح الدول الأعضاء ووضع قواعد محددة للرقابة.
وفي سياق متصل وقّعت 15 دولة من جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي في نوفمبر الماضي، في قمة افتراضية استضافتهم فيها فيتنام، على اكبر اتفاقية للتجارة الحرة في العالم - تحت مسمى الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، والتي تشكل الدول المنظمة إليها ثلث الاقتصاد العالمي، حيث يعتبر التوقيع على اكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم هو بمنزلة تحول كبير نحو عالم اقتصادي تقوده التكتلات الاقتصادية الكبرى.
وفي ظل هذه التكتلات العملاقة ترى مراكز الدراسات والبحوث أن لدول الخليج العربي فرصا عديدة للانطلاق نحو الأهداف المرجوة وهي تحقيق النمو والازدهار والحفاظ على ما تحقق من إنجازات خلال العقود الماضية، لذا فإن ذلك يتطلب أن تأخذ بعين الاعتبار العمل على زيادة تنافسية اقتصاداتها وتنويع قواعدها الإنتاجية، تبني التكامل الاقتصادي، تحسين بيئة المناخ الاستثماري، والعمل على تطوير التعاون المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي.
[email protected]