يعاني لبنان انهيارا ماليا كبيرا يرجح اللبنانيون أنفسهم أنه لن يجري تجاوزه دون مسار للحل يفضي في ختامه إلى مؤتمر تأسيسي جديد، ليكون مكملا أو بديلا عن الطائف.
ويشهد لبنان أزمة سياسية واقتصادية حادة، منذ أكتوبر2019، وباتت تهدد وجوده، وفق تصريحات المعنيين اللبنانيين أنفسهم، دون وجود أية رؤية واضحة للحل أو لإيقاف مسار التدهور على الأقل.
الوضع الراهن للأزمة:
هناك إجماع لدى القوى اللبنانية بكل فئاتها على أنه لا توجد أية مبادرة مطروحة للحل حتى اللحظة في الأفق إلا المبادرة الفرنسية، كمدخل أساسي لمجموعة من الإجراءات التي قد توقف الانهيار على الأقل بانتظار اتضاح المشهد الإقليمي والدولي لاسيما أن الإدارة الأميركية الجديدة، إدارة جوزيف بايدن، لم تحدد سياسة عملية خاصة بلبنان ولو أن الطموح الفرنسي أن تتطور المبادرة في المستقبل لتعيد تفعيل اتفاق الطائف أو صياغة اتفاق جديد، وهو ما عبر عنه الرئيس، ماكرون، بعد إطلاق مبادرته في أعقاب زيارته لبيروت في 31 أغسطس 2020، إثر انفجار المرفأ.
تحديات التحول إلى نموذج جديد:
ثمة اتفاق واسع في لبنان، على مستوى السلطة السياسية والحراك المدني أيضا، على ضرورة التغيير الجذري في أسس الاقتصاد، وتحويله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج ومستدام. إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه عملية التحول، أبرزها:
٭ البدء عمليا بإجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية التي تتطلبها عملية التحول تلك.
٭ المباشرة بوضع آليات تفكيك الكتل الاحتكارية في أسواق الأولويات.
٭ تهيئة المناخ الاستثماري وبيئة الأعمال الصحية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي ستحتاجها القطاعات الإنتاجية الجديدة، من أجل تخفيف اللجوء للاستدانة والاقتراض مجددا.
ولا ننسى العامل الجديد الذي دخل على خط الأزمة الاقتصادية من بوابة القطاع الصحي، وهو «فيروس كورونا»، والقدرة على السيطرة عليه في ظل النقص في تجهيزات الطوارئ الصحية، والمعدات الطبية لمكافحة الفيروس.
خطة الحكومة للتعامل مع التحديات
لم تقدم الحكومة الحالية في شأن الإصلاحات وعملية التحول من الريع إلى الإنتاج، حتى اللحظة، سوى برنامج عمل، غير مشفوع بخطط عملية، من بينها:
٭ اقتراحات لمكافحة الفساد، تشمل إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
٭ معالجة الأزمة النقدية والمصرفية من خلال وضع الآليات المناسبة لحماية أموال المودعين والمحافظة على سلامة النقد والقروض الميسرة.
٭ اتخاذ إجراءات اقتصادية من أجل تحفيز الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج، من خلال العمل على توسيع التسهيلات من مصرف لبنان، الجمركية على المواد الأولية.
وبشكل عام يرى الخبراء والمختصون في الشأن اللبناني، أن استمرار النموذج الاقتصادي كما هو حاليا، يعني:
التوجه تدريجيا نحو انهياره الفعلي، علما بأن هذا المسار، سارافقه كما هو واضح، أزمات وكوراث مالية واقتصادية واجتماعية، قد تنتج مستقبلا فوضى وظروفا لا تقل خطورة عن الظروف الاقتصادية والمعيشية التي تنتجها الحروب الأهلية.
[email protected]