«أشباه الموصلات ورقائقها تمثل محور الطموحات التكنولوجية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة والصين بشكل متبادل».
فحينما نتحدث عن الموصلات فهي المواد التي تستطيع توصيل التيار الكهربي بسهولة وذلك لاحتوائها على كمية كبيرة من الإلكترونات الحرة وذلك بسبب ضعف قوة جذب النواة لإلكترونات التكافؤ (وهي الإلكترونات الموجودة في المدار الأخير للذرة) فتتحرر تلك الإلكترونات وتتحول الى إلكترونات حرة (free electron) تستطيع توصيل التيار الكهربائي.
قد تكون اشباه الموصلات مكونة من مادة واحدة مثل السيليكون والجرمانيوم، أو مركبة من مادتين أو أكثر مثل سيلينيد الكادميوم.
ولتحسين ناقليتها للتيار الكهربائي، تضاف كمية صغيرة من الشوائب إلى أشباه الموصلات النقية بعملية تدعى التنشيط.
وتعتبر هذه المكونات أساسية لأجزاء كاملة من الصناعة العالمية، وتدخل في صناعة العديد من الأدوات التي نستخدمها بصورة يومية. فنجدها في الأجهزة الإلكترونية والموصولة، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب ومشغلات ألعاب الفيديو والسيارات، ولاسيما لوحات التحكم فيها، والطائرات والشبكات المعلوماتية والهاتفية وغيرها.
ويعتبر المنتجون الرئيسيون لأشباه الموصلات هم في تايوان تي إس إم سي، وكوريا الجنوبية سامسونغ وإس كاي.
أما الولايات المتحدة، ففيها شركة منتجة كبرى مثل إنتل.
ولقد واجه مصنّعو الرقاقات الإلكترونية زيادة مفاجئة في الطلب لتجهيز المنتجات الإلكترونية مع ارتفاع الطلب على أجهزة الحاسوب ومشغلات الألعاب الإلكترونية في ظل انتشار وباء كوفيد-19 وما واكبه من عمل عن بعد وحجر منزلي.
كما أن سوق أشباه الموصلات كانت بالأساس تحت الضغط بفعل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وفي الوقت الذي تصدر فيه الصين أشباه الموصلات من المستويين الأولين، تضطر لاستيراد أغلب احتياجاتها من أشباه موصلات المستوى الثالث المتقدم الذي لا بديل لها عنه في إنتاج الهواتف المتقدمة والآليات المعقدة والطائرات والسيارات الكهربائية والكثير من برامج الذاكرة.
وبلغت صادرات الصين من أشباه الموصلات من المستويين الأول والثاني 101 مليار دولار في عام 2019، في حين تخطت وارادتها من أشباه الموصلات من المستوى الثالث 300 مليار دولار في العام نفسه.
ولا تزال الشركات الأميركية تسيطر على حوالي نصف مبيعات أشباه الموصلات العالمية، رغم أن قيادتها التكنولوجية تقتصر في الغالب على البحث والتصميم.
ومؤخر بدأ الإستراتيجيون الأميركيون ينظرون إلى هذا الأمر باعتباره خطأ يجعل تصنيع أشباه الموصلات العالمية مركزا بشكل خطير في تايوان وكوريا الجنوبية، رغم أنهما حليفان قريبان من واشنطن.
وأقنع الرئيس السابق دونالد ترامب شركة تي إس إم سي التايوانية بنقل جزء من تصنيعها إلى ولاية أريزونا بحجم استثمارات يقترب من 12 مليار دولار.
ويتوقع المراقبون أن تبدو إستراتيجية الرئيس بايدن في المواجهة التكنولوجية تجاه الصين وكأنها نسخة أكثر تلميعا ومتعددة الأطراف من ترامب، في الوقت الذي يدفع فيه فريقه إلى الأمام بعدد كبير من السياسات التي تهدف إلى الحد من قوة ونفوذ شركات التكنولوجيا الصينية في الولايات المتحدة وخارجها.
[email protected]