«إصدار الدولار الرقمي سيكون تأكيدا على استمرار سيادة العولمة المالية والاقتصادية الأميركية».
مثلت العملات الافتراضية «البيتكوين وأخواتها» لحظة تاريخية في الأداء الاقتصادي العالمي، رغم محدودية تعاملاتها، وحصر تلك التعاملات فيما يمكن أن نسميه النخبة الاقتصادية، ذات الملاءة المالية الكبيرة.
ومن هنا تحاول العديد من الدول السيطرة على ظاهرة العملات الافتراضية، بل وتمنع، أو تجرم التعامل بها، وتسعى لمواجهة العملات الافتراضية، بسرعة إصدار عملات رقمية خاصة بها، تمثل عملتها المحلية، للتأكيد على سياداتها في أمر مهم وهو إصدار النقود، والأمر الثاني هو مواجهة عملية الاحتيال والعمليات القذرة لتبييض الأموال، وحسب آخر الأرقام المنشورة، فإن هناك نحو 60 دولة عزمت على إصدار عملات رقمية خاصة بها.
وتظهر قاعدة بيانات البنك الدولي، عام 2020، أن الدولار لايزال يحتل المرتبة الأولى في تكوين احتياطيات الدول من النقد الأجنبي، رغم حالة الصراع بين أميركا والعديد من الدول ذات الرصيد الأكبر من الاحتياطيات.
ويأتي على رأس هذه الدول الصين صاحبة أكبر رصيد من احتياطي للنقد الأجنبي بنحو 3.35 تريليونات دولار، اليابان 1.39 تريليون، سويسرا 1.08 تريليون، منطقة اليورو 1.07 تريليون، روسيا 596 مليارا، الهند 590 مليارا.
مستقبل الدولار الرقمي: ومع انتعاش العملات الافتراضية في ظل رعاية أميركية، فإن إدارة الرئيس جو بايدن، والتي تستعيد مفهوم «أميركا قوية» ستعمل على استمرار هذه الميزة التنافسية التي تسمح لها بقيادة النظام النقدي العالمي.
ولذلك وجدنا جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يكشف مؤخرا عن إصدار عملة رقمية سيادية، ويقول إن الأمر يخضع للدراسة منذ شهور مع مجموعة من الجامعات ومراكز البحوث الأميركية.
وبلا شك فإنه في حالة إصدار الدولار الرقمي، سيكون لذلك أثره السيئ على العملات الافتراضية، والتي تعاني من تراجع في قيمتها خلال الفترة الماضية، بسبب إعلان عدد لا بأس به من الدول إصدار عملات رقمية، وعلى رأس هذه الدول أميركا والصين، فأشهر العملات الافتراضية «البيتكوين» كانت قد وصلت إلى نحو 60 ألف دولار للوحدة، لكن تراجعت قيمتها الآن بقرابة 50%، وتراجعت تحت سقف 30 ألف دولار.
وسيؤدي صدور الدولار الرقمي إلى وجود سيطرة كاملة على التعاملات المالية والتسويات التجارية من خلاله، لكون قاعدة بياناته تحت رقابة مجلس الاحتياطي الفدرالي، كما ستكون هناك مراقبة للمعاملات التي تهدف إلى تبيض الأموال، وتحديد مسارات واتجاهات كافة التعاملات المالية التي تتم من خلال الدولار الرقمي، بعكس العملات الافتراضية التي تكون فقط لدى بعض الفنيين المعنيين بالتعامل على تلك العملات.
مستقبل اليوان الرقمي: في إطار السباق لرقمنة العملات الكبرى، قد تتمكن الصين من ضمان النفوذ الأعظم في الاقتصاد العالمي، بفضل استخدام اليوان الرقمي.
حيث ذكرت مجلة «ذا ناشونال إنترست» الأميركية، إن الصين تخطط لتقديم عملة اليوان الرقمي للعالم في فبراير المقبل، خلال الألعاب الأولمبية الشتوية.
ويعتبر اليوان الرقمي عملة قانونية صادرة عن بنك الشعب الصيني ومضمونة بائتمان الدولة. وهي عملة رقمية تعادل تماما الأوراق النقدية والعملات المعدنية.
فقد ذكر نائب محافظ بنك الشعب الصيني في الاجتماع السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي لسنة 2021، إن البنك المركزي الصيني سوف يركز نشاطه في مجالات: المشاريع التجريبية وتوسيع نطاقها، زيادة تحسين البنية التحتية لليوان الرقمي، إنشاء إطار قانوني وتنظيمي ذي صلة.
ويرى الخبراء الاقتصاديون أن المنافسة ستكون بين الدولار الرقمي المنتظر، مع باقي العملات الرقمية، في إطار المنافسة التقليدية بين أميركا ودول أخرى مثل الصين واليابان، وإن كانت المنافسة ستظل محكومة بكون أميركا المنتج الأكبر للتكنولوجيا، والمسيطر بنسبة كبيرة على المقدرات الاقتصادية العالمية.
[email protected]