يعد اقتصاد الفضاء أحد أنواع المجالات الاقتصادية الحديثة، حيث يسهم في ازدهار وتنشيط المجتمعات الحديثة، ويؤثر على نموها الاقتصادي وتطورها الاستراتيجي بفضل الاستخدام المكثف لتكنولوجيا الفضاء، خاصة الأقمار الصناعية في مجالات الملاحة الجوية واستكشاف الموارد الأرضية والاستشعار عن بعد ومتابعة الأحوال الجوية، كما يؤثر تكنولوجيا الفضاء في مجالات التخطيط الزراعي والتخطيط العمراني، ما يجعل من كل هذه الأنشطة محركا للنمو الاقتصادي، فضلا عن توفير العديد من الوظائف في جميع مراحل الإنتاج الخاصة بالمعدات الفضائية.
فقبل 30 عاما كانت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» ووكالة الفضاء الروسية تشكلان معا صناعة الفضاء في مختلف أنحاء العالم بأكمله، مع نسب هامشية للغاية لوكالات الفضاء الأوروبية أو الصينية أو لبعض الدول النامية، غير أن الصورة تغيرت تماما، ففي عام 2018 وصل حجم صناعة الفضاء إلى 450 مليار دولار، لتنمو عما كانت عليه عام 2013 حيث قدرتها دورية «سبيس سيفتي» بنحو 315 مليار دولار.
وتشير دراسة لـ «مورجان ستانلي» إلى أن حجم الاستثمار في قطاع الاقتصاد الفضائي سيتخطى تريليون دولار خلال العقدين المقبلين، ويتفق ذلك مع خطة شركة مثل «سبيس إكس» باستثمارات 100-300 مليار سنوية خلال عقد من الزمان مع إنفاق 60 مليار دولار على البحث والتطوير. وتشير دراسة لـ «هارفارد» إلى أن ما سيساهم بصورة كبيرة في انتعاش اقتصاد الفضاء التراجع الكبير في تكلفة شحن المواد من وإلى الفضاء حيث يقدر حاليا بـ 2500 دولار للكيلو، بينما كان يقدر بـ 50 ألف دولار قبل عقدين من الزمان.
كما تندرج العديد من الأنشطة الاقتصادية في إطار اقتصادات الفضاء منها التنقيب والتعدين، النقل الفضائي، الطاقة من الفضاء، وثمة أسباب متعددة وراء اقتحام القطاع الخاص مجال اقتصادات الفضاء، والذي ظل لفترة طويلة حكرا على الدول فقط، ومن هذه الأسباب ارتفاع تكلفة النقل الفضائي وتشكيلها عبئا على ميزانيات الدول صاحبة برامج الفضاء، ورغبة وكالات الفضاء المملوكة للدول في التفرغ إلى اكتشافات فضائية أكثر تأثيرا على مسار الإنسانية.
وعلى صعيد الدول العربية تواصل دولة الإمارات الشقيقة، تنفيذ إستراتيجيات طويلة المدى لتحفيز نمو قطاع الفضاء الوطني، ومن بينها خطة تعزيز الاستثمار الفضائي الرامية إلى بناء قطاع فضائي إمارتي قوي ومستدام يدعم ويحمي المصالح الوطنية والقطاعات الحيوية، ويسهم في تنويع الاقتصاد ونموه، ويعزز الكفاءات الإماراتية المتخصصة، ويطور القدرات العلمية والتقنية العالية، ويرسخ ثقافة الابتكار والفخر الوطني، ويرسي دور دولة الإمارات ومكانتها إقليميا وعالميا، وذلك من خلال تسهيل تدفق المزيد من الاستثمارات في صناعة الفضاء بالدولة، وبما يسهم في تحقيق رؤية الإمارات 2021 والمئوية 2071 وخطة الثورة الصناعية الرابعة في تنويع واستدامة الاقتصاد الوطني، وتعزيز اقتصاد الدولة القائم على المعرفة والابتكار والتقنيات المتقدمة. وتحفيز البحث والتطوير والابتكار وتشجيع ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
[email protected]