لكل أمة نسيجها، أديانها ومذاهبها، أعراقها وأصولها، بدوها وحاضرها (خصوصية الخليج وبعض الدول العربية)، ولهذا النسيج عصبه الحائر ما إن اختل، حتى تستشعر آلامه في كل مكون!
ولهذا البلد الجميل (الكويت)، نسيج المتألق منذ القدم، فتلك بشرة بيضاء وأخرى سمراء (قام حظك جسوم)، وتلك أعراق تمتد أصولها جنوبا إلى الحجاز، وآخرين للشمال، ومنها ما يعبر الخليج (العيم)، اجتمعوا جميعا بهذا العقد الاجتماعي الرائع (الدستور) فانتظمت فيهم علاقة الحاكم بالمحكوم...
مجتمع ذو تركيب اجتماعي معقد (يعني دقيق)، ولست هناك أخلق أو أصنع ظرفا ليس موجودا، بل هو مجتمع لديه من العادات والتقاليد والأعراف ما لم نجده في خمس حضارات مجتمعة (راعي العزيمة آخر واحد يقوم)، ناهيك عن لهجاتنا المختلفة ومصطلحاتنا المتباينة، (شكر ولا شكر)، ولد جبلة وللا شرق وللا المرقاب - المطبة وللا فريج النخبة بالصالحية على كلام السنعوسي؟!...
وأنا ومن أجالس من أصدقاء، جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، تشملنا الأصول، وتتملكنا اللهجات المختلفة، وتشكلنا العادات والتقاليد والأعراف بشتى ألوانها وأنواعها!
ولمجلسنا الذي نجتمع فيه (ديوانية/ قهوة/ شاليه..) صورة مصغرة لما أشرت إليه سالفا، من كل عناصر التركيب الاجتماعي، كألوان مختلفة، ما إن اجتمعت حتى كونت ذلك الطيف الجميل.
نجتمع، في كل أسبوع بل وفي كل يوم، حبا للألفة والمودة فيما بيننا، ولهذا الاجتماع عدده، ولهذا العدد ميوله وتنوعه واختلافه، كأنها أمة! أرى فيهم الانقسام والاختلاف أكثر من تلك التي قالوا عنها في الذرة والنواة! وصور اختلافهم تكاد لا تحصر، شهاداتهم، وظائفهم، ميولهم، أصولهم، قبائلهم، مذاهبهم، وتوجهاتهم الفكرية والسياسية (في واحد منهم متأكد ما عنده)، لوحة فنية غارقة في تضارب ألوانها وتداخلها، مكون اجتماعي غارق في الأصالة، فاستوقفتني تلك اللوحة، فجلت أتفقد فيها، فوجدتها فوضى تخلق كل جميل في مجتمعنا!
فاختلافهم طاغ على ما يتفقون فيه، وتراهم حين الاختلاف أشداء في اختلافهم، بما تمليه عليهم عقولهم وبراهينهم التي يصدحون بها (عادة البراهين صراخ وتهويل)، يختلجك من اختلافهم أنهم لا يريدون الاتفاق ولا الوفاق بينهم! فلا يجتمعون في علم ولا رأي ولا حتى في رياضة (مدريد وبرشلونة)! كأن غاية ما يصبون إليه هو الاختلاف! (لا اتشوفون بدران مع بوشعبان)!
لكنهم، ومن بعد ذاك الاختلاف، سرعان ما يتسامون فيما بينهم، وتغمرهم أواصر المحبة والصداقة والأخوة، فترى المودة تغمرهم، فتلمس من ذلك، أن الخلاف وإن أسسته منابع الفهم أو المصالح والدوافع والميول، فإن لهذا سقفا لا نتجاوزه، وسياجا لا نتخطاه، توارثناه جيلا بعد جيل، فلا ينسف الخلاف طرفا، ولا يتعدى كونه خلافا في فكرة أو رأي، وأن الميراث الحقيقي والثمرة المرجوة من كل ذلك..
المودة والمحبة والتسامح، رغم كل اختلاف، وفوق كل تباين.. فيبقى النسيج محفوظا وفيه حفظ الوطن، والحصن المنيع.
نحن أبناء هذه الفرجان القديمة، ورثنا هذه اللحمة، وسنبقى عليها ما بقينا.
ومضة: أقبل الاختلاف عنك، ولكن ذلك لا يعني أني أختلف معك!
[email protected]
@hamedalali Philosopher1977 (twiter)