انتهت الانتخابات التكميلية بكل ما فيها من أمور مريبة وغريبة، وبكل ما صاحبتها من ملابسات وانسحابات، بعضها مضحك وبعضها مزر، وبعضها ساذج وغبي، لدرجة أنها قد تحكم على من قام بها باستحالة خوضه لأي انتخابات قادمة سواء كانت عامة أو تكميلية أو حتى انتخابات جمعية تعاونية.
انتهت الانتخابات التكميلية بكل ما لها من تقاطعات وتفاهمات، وما عليها من ترتبات وترتيبات.
انتهت الانتخابات التكميلية بكل ما اعتراها من مظاهر شبه ديموقراطية وغير ديموقراطية.
انتهت الانتخابات التكميلية و«انتهينا» من مقولة أنها استفتاء شعبي ورسالة فعالة باتجاه الحكومة.
وهذه مقولة غير صحيحة، فليست هناك استفتاءات شعبية معنية في «الانتخابات البرلمانية» أو بالمرشحين لا شكلا ولا موضوعا.
فالاستفتاء الشعبي هو: تقليد ديموقراطي واقتراع عام مباشر، لاستقراء رأي الناخبين مباشرة حول «تعديلات تشريعية قانونية ودستورية واقتصادية واجتماعية» تمس معاشهم اليومي، وقد تشمل بآثارها الأجيال القادمة، ويعتبر هذا المفهوم من أهم ركائز الديموقراطية الحرة والحقيقية الذي يتجاوز «المجالس» الصادرة عن الديموقراطية التمثيلية.
***
وما ترديد البعض أن الانتخابات التكميلية تعد استفتاء إلا دليل على أن هذا الشعب لديه نقص في الوعي وقصور في الثقافة السياسية، ولديه مفاهيم غير مفهومة ومصطلحات غير منضبطة، فما حدث هو انتخاب تكميلي اعتيادي أجري سابقا ثلاث عشرة مرة، وهو كذلك ليس رسالة باتجاه الحكومة، فالحكومة تعلم ونحن نعلم أن الانتخابات مجرد خطوة ضمن حلقة مفرغة ندور بها منذ عام 1962.
لذلك لم تحضر الحكومة جلسة الثلاثاء الماضي وهي الجلسة التي تلت الانتخابات التكميلية مباشرة، ولم تول أي اهتمام أصلا للمجلس، فعن أي رسالة تتحدثون؟
«مع تحفظي على عدم حضور الحكومة للجلسات ورفضي لفرضية أن عدم حضور الحكومة يبطل الجلسات أساسا».
وأيضا الحكومة بعد الانتخابات لم تنهر ولم تطلب المغفرة أو على أقل تقدير لم تقدم استقالتها.
أبدا، هذا لم يحدث حاليا.. ولم يحدث سابقا، خاصة بعد انتخابات عامه أفرزت 42 نائبا ادعوا وأعلنوا واقسموا أنهم على خط الإصلاح و«المعارضة»، فكيف سيحدث بسبب انتخابات محدودة كالانتخابات التكميلية المهددة أصلا بحكم محكمة بتاريخ 16 من الشهر المقبل.
وأنا اعتقد، أن هذه هي الرسالة الواضحة لمن يستطيع فهم واستقبال وإرسال الرسائل، والتي مفادها: «إن لم تمض الأمور ضمن السياق فلسوف تساق الأوضاع مرة أخرى إلى المربع الأول».
***
عموما، أعتقد أنه آن الأوان كي نرتاح من هذه «البربسة السياسية» والصيحة التي يصطنعها بعض النواب وسكرتاريتهم وشبيحتهم وقواعدهم الاثنية والتي أرهقتنا طويلا.
وحان وقت الالتفات للعمل السياسي الحقيقي للأحزاب والقوى السياسية التي تعتبر جوهر ومظهر المشهد السياسي الحقيقي والمحترم لأي بلد ديموقراطي محترم.
***
ختاما، ماذا بعد هذه «البربسة السياسية»؟
هل تشعرون أنكم ضمن لعبة ديموقراطية سياسية؟
فإن كنتم تقبلون بهذه اللعبة فعليكم بكل تأكيد القبول بقواعدها، وقواعد اللعبة تتضمن مجلس أمة برئيسه، ومجلس وزراء برئيسه و«مقاعده الأمامية».
وقواعد اللعبة أيضا تتضمن مواد دستورية توجب التعاون بين السلطات، وهناك أيضا صلاحيات أخرى واسعة ومهمة ومعتبرة ومؤثرة، من ضمنها المادة 107 التي بالإمكان استخدامها باتجاهكم متى ما حان دورها.
فهل انتم قابلون باللعبة وبالتالي قابلون بقواعدها أم تريدون البحث عن لعبة أخرى؟
[email protected]
hammad_alnomsy@