التجمعات البدوية، أو البدو، هم سكان البادية الرعاة الرحّل الذين يسكنون الخيام وبيوت الشعر، ويعيشون على رعي الإبل والماشية ويتنقلون من مكان لآخر طلبا للماء والكلأ.
لا يرتبطون بمكان أو بجغرافيا، رابطهم الوحيد هو الزمان أو التاريخ المتكئ على العصبية والعنصرية الإثنية المتمثلة برابطة الدم فقط، أو بشكل محدود يرتبطون أيضا ببعض الأحلاف والاندماجات القبلية المحدودة والاضطرارية والتي ليست على نطاق واسع أبدا.
وفي قاموس «لسان العرب» لابن منظور يقول: البدو هم ضد الحضر، والبادية خلاف الحاضرة سواء من العرب أو من غيرهم.
وبكل الأحوال فالاستخدام الحالي لمصطلح بدو، أو تجمعات بدوية، يشير إلى مجتمع البادية الممتد من غرب إيران مرورا ببادية الشرق الأوسط في دول الخليج العربي وسورية والعراق، وفي أنحاء متفرقة من شرق الأناضول وسيناء والنقب والأردن وفلسطين المحتلة إلى الصحراء الشرقية والصحراء الغربية من شمال أفريقيا.
***
تعتمد التجمعات البدوية (المرتحلة) على الرعي بشكل أساسي، ولذلك هم يسمون الرعاة الرحل، ويربي البدو الجمال والأغنام، وبالتبعية فهم يمارسون تجارة المواشي.
والحياة في البادية تتيح للبدو ممارسة نمط حياتهم التقليدي بعيدا عن مؤثرات المدن.
وبعيدا عن التأثر بالمجتمعات الأخرى وسياساتها وسلوكياتها وعلومها وفنونها وبعيدا بكل تأكيد عن التأثير في هذه المجتمعات.
***
التجمعات البدوية هي تجمعات بشرية لم تستقر في الواحات والمناطق الزراعية أو الحضرية، واستمرت بالاعتماد على الصيد والالتقاط والرعي في البادية وانفصلت عن النشاط الزراعي، والحضري بالكلية واصطدمت دائما مع تلك التجمعات البشرية البدائية، لأنها تشبهها إلى حد ما، ولأنها تنافسها في المرعى وموارد البرية ولكنها تفوقت عليها في مراحل معينة ثم اندمجت معها في بعض المراحل التاريخية الأخرى والتطورات المفصلية المهمة.
***
التجمعات البدوية هي بطبيعتها مجتمعات انعزاليه انطوائية متقوقعة على ذاتها وفي حالة حذر وريبة من الآخر، مجتمعات مغلقة غير مفتوحة وغير منفتحة على الآخر، مجتمعات وتجمعات قد تكون مضرة أحيانا ولكنها بكل تأكيد غير مفيدة، أفرادها غير منتجين وغير فاعلين.
نعم لكل قاعدة شواذ، والتاريخ يذكر لنا بعض الأفراد من هذه التجمعات كانوا أصحاب فائدة للبشرية وفعالية معينة، ولكن لا يعدو كونهم أفرادا حققوا ذلك بفرديتهم وليس من خلال تجمعاتهم، وأيضا حققوا ذلك من خلال تخليهم عن فكرة تجمعاتهم البدوية السلبية وانخراطهم في مجتمعات أخرى منتجة وفاعلة ومتفاعلة.
***
كما أن نشأة التجمعات البدوية كان في وقت انعدام الأمن وانتشار الفوضى، مما اضطر بعض البشر لأن يكونوا ضمن جماعات اثنية يرتبطون معها بروابط وثيقة جدا، لكن مع وجود الدول المدنية، والمجتمع الدولي الجامع يفترض انتفاء الحاجة لمثل هذه التجمعات البدائية أو شبه البدائية، ويفترض رفضها رفضا قاطعا كبديل للدول أو كحالة مواجهة للدول المدنية الحديثة.
وهذه التجمعات البدوية يعتقد مؤيدوها أن العادات والتقاليد والمعتقدات تمثل ضمانة وحماية لها «وهذا غير صحيح إطلاقا ولا يستند على وقائع حقيقية»، لأنه في المجتمعات المدنية توجد أنظمة وقوانين تضعها مؤسسات المجتمع المدني التشريعية التي تحل محل هذه العادات والتقاليد والمعتقدات، وتعتبر هي الوشائج الحقيقية والتلاحم بين الأفراد والضمان والحماية.
***
ختاما: الدول المدنية أو التجمعات الحضرية والمتمدنة بطبيعة الأشياء ترفض التجمعات الإثنية قبلية وطائفية.
[email protected]
hammad_alnomsy@