تحمل الأحداث التاريخية عبرا ودروسا لمن يعتبر، ومنها مرض الطاعون الشرس الذي تعرضت له الكويت سنة 1831م وقضى على الآلاف من سكانها وهلكت عوائل كاملة، ونتيجة لنصيحة من أحد رجال الدين خرج الأحياء هربا بأنفسهم، ولكن من غرائب الشخصية الكويتية أن هؤلاء الناجيين باختلاف أصولهم ومذاهبهم لم يهاجروا ولم يرجعوا الى مناطقهم الأصلية، بل تجمعوا في أكواخ بمنطقة الشويخ والتي اعتبرت ملاذا لكل هارب بنفسه من الكويت والمكان الذي تجمعوا فيه مع أهل البحر بعد عودتهم، في هذا المكان وضعوا خطة إنقاذ الديرة وهو ما تحقق لاحقا.
الشعب البسيط المحب استطاع إنقاذ بلد من الضياع ونفس الشعب هو من وقف مواقف وطنية عدة وأبلغها العصيان المدني أيام الغزو العراقي الغاشم، الآن تمر الكويت بمفترق طريق مهم ستحدده نتائج الانتخابات المقبلة، فلقد سحبتنا الأوضاع التي مرت على البلد إلى عنق الزجاجة، فالفساد والتركيبة السكانية والاختلاسات وضعف البنية التحتية والاقتصاد وغيرها قد تشابكت خيوطها وأصبح الشارع المحلي ينظر بيأس للحكومة والمجلس.
صوت الشعب هو الورقة القوية التي نراهن عليها، لم يعد لأطروحات النواب السابقين ولا البرامج الخيالية لأغلب المرشحين ما يدغدغ مشاعرنا، الواجب الحقيقي لأي مواطن الآن هو التفكير في الحاضر والمستقبل، يكفينا نوابا وجدوا في المجلس الثراء والسلطة والوجاه، تلاعبوا بحقوق المواطن وساهموا في فساد البلد، لا نريد نوابا عطلوا التشريع واستخدموا أدوات الرقابة البرلمانية لتحقيق مكاسب شخصية، لا نريد من يعتبر الوطن والمواطن جسرا لتحقيق أحلامه، لا نريد عودة أي من النواب السابقين فلقد تكشفت مصالحهم وعيوبهم وفاحت الروائح الكريهة لأغلبهم.
العبور بأمان لمستقبل مشرق يحتاج من الشعب الى وقفة جادة واعية كما عرف عنه عند كل الأحداث الجسام التي ألمت بنا، نحن بحاجة الى قرار شعبي صادق برفض كل نائب ثبت فساده وضعف أدائه البرلماني، وأمام صناديق الانتخاب ستكون الكلمة للشعب باختيار مجلس جديد بخمسين نائبا جديدا، المرحلة المقبلة بحاجة لنواب إصلاحيين حقيقيين ونواب اقتصاديين وقانونيين يجتهدون في أداء دورهم التشريعي.
بما يكفل حقوق المواطنين والحفاظ على حرياتهم وأموالهم والنهضة بالبلد لا بجيب النائب وأعوانه، ولا نريد رسم الصورة التقليدية بأن دخول النواب لقاعة عبدالله السالم تعنى الرزة بالبشت وتوزيع ابتسامات السعادة إنما هي مرحلة البناء والتعمير وإلا فالمحاسبة ستكون شديدة من الشعب.
[email protected]