من المعلوم أن الشهرة من الغرائز الإنسانية، ونحن نعيش في زمن بالغ فيه الناس بشغفهم بالشهرة، حتى إنها أصبحت حلم وطموح الجيل الجديد وحتى الأكبر منهم سنا، إنهم يريدون الشهرة بأي وسيلة وبدون أي جهد.
تقول إحدى المعلمات: في إحدى حصص المراجعة النهائية استعدادا لامتحانات الثانوية العامة حاولت أن ألطف المتوتر داخل الفصل الدراسي فطرحت السؤال التالي: ما الحلم الذي تتمنون تحقيقه في مستقبلكم؟ أخذت الطالبات بالحديث والإسهاب حول أحلامهن والمعلمة تناقشهن بأمومة ومودة حتى انبرت إحدى الطالبات وقالت إنها ترغب وبقوة في السفر لأميركا والإقامة هناك حتى تتاح لها الفرصة للعمل كعارضة أزياء وتصبح مشهورة، بدأت المعلمة الواعية بمناقشتها بهدوء ولطف حول أسباب هذه الرغبة وما معلوماتها عن هذه الوظيفة، وكما توقعت المعلمة فإن معلومات الطالبة تتمحور حول الشهرة وفلاشات التصوير وارتداء أحدث الأزياء، وبعد نقاش دام حوالي ربع ساعة ارتسمت علامات الصدمة على الطالبة، حيث فوجئت بما يدور في كواليس هذه المهنة والضغوط النفسية والجسدية التي تفرضها صناعة الموضة والأزياء على العارضات كالتمرينات القاسية والأنظمة الغذائية الصعبة وضرورة تقبل العارضة لكل ما يفرض عليها وبدون أي اعتراض لتخرج على منصات عرض الأزياء.
الجيل الجديد هو جيل التلفونات والكمبيوتر والآيباد وغيرها من الوسائل التكنولوجية التي جعلت الحياة سهلة وبدون عمق، كما أن هذه الأجهزة سهلت عليهم متابعة مشاهير السوشيال ميديا والحياة المزيفة التي تعرض بألوانها المتعددة، ولا ننسى أن الأهالي يسعون جاهدين لتوفير الحياه الهانئة لأبنائهم مع عدم تحميلهم المسؤوليات، لذلك فمن الطبيعي أن تراود الأبناء أحلام الشهرة والثراء ماداموا يرونها سهلة المنال، فهي لا تحتاج لأكثر من مجرد جهاز هاتف نقال وتصوير للحياة الشخصية مع الاسترسال بالحديث بدون هدف.
الاندفاع المهووس للتصوير والحديث والشهرة جعل الأبناء يقعون في فخ الأخطاء كتصوير الأهل بدون معرفتهم، والأحاديث التي تحتوي على كم من السذاجة والجهل والهراء، وقد يقومون ببعض الحركات من باب المرح ويقعون في فخ السخافة وقد تصل لفضائح مهينة للشخص وغير ذلك من الزلات.
نحن نعيش زمن التطور التكنولوجي فالاختراعات لن تتوقف وصور الحياة تتغير بسرعة والفرق كبير بين الماضي والحاضر، أما المستقبل فالتوقعات بالتغييرات الجذرية كبيرة جدا، لذلك كان من حق الأبناء على الدولة وعلى الأهالي حمايتهم من هذا الهوس المريض، فهم فلذات أكبادنا وأملنا للغد والمستقبل بحاجة لمن يبنيه لا لمن يستعرض نفسه، لذلك يتوجب على الدولة وضع خطة إعلامية تربوية دينية تبرز القدوات الناجحة في المجتمع الكويتي وتدلل على أهمية العمل، وان شهرة السوشيال ميديا هي شهرة مؤقتة ولا يمكن وضعها في خانة المهن، كما يتوجب على الوالدين الجلوس مع أبنائهم ومناقشتهم وتوعيتهم بأن الحياة ليست بالسهولة التي يرونها في كنف والديهم وأن الشهرة ليست من الأمور الأساسية لحياتهم، بل الوعي بالحياة والوصول للإنجاز الذي يرتضونه لأنفسهم وبما يحقق طموحاتهم وأن أساس الشهرة هو ما سأقدمه لمصلحة نفسي وبلدي والناس.
[email protected]