تغفل الكتب التي تؤرخ لتاريخ الكويت وبالذات لحقبة ما قبل النفط لذكر أسماء نسائية او حتى مجرد إشارة لدور إحداهن في حادثة عاشها المجتمع، ولعل السبب في ذلك يعود لقيود التقاليد والثقافة القديمة التي تجعل المرأة العنصر المستور في الحياة، وفى السنوات الأخيرة فقط تعرفنا على مجموعة من الأسماء كالمطوعة شيخة العمر والمعالجة الشعبية هيلة بوطيبان.
المرأة الكويتية في الواقع لها دور لا يمكن إغفاله أو حتى التغاضي عنه، فلقد شاركت الرجل رحلة الكفاح منذ بدايات تأسيس الدولة ففي مرحلة قبل النفط صبرت على غربة رب الأسرة (الزوج – الأب – الأخ) في البحر لأشهر طوال إما للغوص أو للتجارة، وأدارت بكل جدارة ونجاح شؤون بيتها ورعت اقتصاديات الأسرة بنفس قنوعه تتحمل الشدائد وشظف العيش، وحتى بعد رجوع رب الأسرة إلى الديرة لم تركن المرأة الكويتية للخمول والكسل بل تقاسمت المسؤولية برضا وحب فكانت سيدة البيت بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وتستحق بذلك لقب المرأة الحديدية.
بعد اكتشاف النفط بدأت صفحة جديدة في حياة المجتمع الكويتي، وبدأ التعليم النظامي ودخلت المرأة مجالات العمل، ولو رجعنا قليلا لفترة الستينيات والسبعينيات لوجدنا الحضور الطاغي للكويتية في أغلب المجالات مع استمرار اهتماماتها العائلية، يبدأ الخلل في مسيرة المرأة وبصورة جلية منذ الثمانينات وما بعد فبالرغم من أنها تمثل الرقم الصعب حيث إن النسوة يمثلن 59% من قوة العمل الكويتية إلا أنه يلاحظ الهدوء حتى درجة السكينة في هذه المرحلة مع بطء النشاطات النسائية ولعل السبب يعود لأصوات التشكيك بقدرات النساء مع تحميلهن لأغلب المسؤوليات الأسرية والتي أشغلتها عن مجرد التفكير بالتطور، ولا ننسى الفجوة الكبيرة بين الحقوق التي يمنحها المجتمع للرجل وتلك التي تمنح للمرأة خاصة في ظل التشويه المتعمد لصورة وكفاءة المرأة الكويتية من قبل وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.
من الملاحظ أن المسلسلات التي تسمى خطأ بالكويتية تقدم المرأة الكويتية بصورة مشوشة غير واقعية فهي إما الأنانية المحبة لذاتها، واللامبالية في بيتها وأبنائها، أو المسرفة الباذخة ذات الاهتمامات السطحية أو المتمردة على العادات والتقاليد والقيم، كما طعنت السلطة الرابعة في بعض الصحف المرأة الكويتية في الصميم وتعدت على إنسانيتها وكيانها البشرى الأنثوي وترافقها في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق نشر النقد الساخر واللاذع للكويتية ووضعها في صورة المرأة التافهة وتضخيم تصرفات ومواقف للبعض والحقيقة أنها لا تشمل المجتمع النسائي برمته، هذا عدا رسائل الواتس آب التي تحمل الشكل الكاريكاتيري المر في مقابل مدح جاليات أخرى وكأن الكويتية مخلوق يستحق أن يوضع تحت المجهر الدقيق لمحاسبته.
ولا أعرف هل برأيهم أن الكويتيات شياطين وباقي الجنسيات ملائكة مثلا؟ وهل الكويتيات وحدهن من يخالف كل الأعراف والقيم ومبادئ الدين الإسلامي، بينما نساء باقي الجنسيات يتمسكن بجادة الحق والفضيلة؟ تصوير خبيث ومدروس وشر مستطير للإساءة للكويتية والمجتمع الكويتي ويهدف من وراءه الى زرع تصور معين في عقول الأجيال الشابة وتناسوا أن الكويتيات بشر ككل الجنسيات الأخرى لديهن الصواب والخطأ وهن ككل النسوة خلقن بعاطفة إنسانيه تأثرت مع تغيرات الحياة، كما تأثر الرجال والعالم بأكمله.
هذا عدا لصق مسمى الكويتية على مجموعة من الفنانات والفاشنستات غير الكويتيات ولكنهن مقيمات في الكويت وينسب للكويت كل تصرفاتهن، وبكل وضوح نقول اننا لا نقبل بتاتا أن تمثل المصرية والعراقية والأردنية وغيرهن- سواء أكانوا عربا أو غير عرب- المرأة الكويتية، ولا أقصد أبدا في حديثي هذا ازدراء أي جنسية، ولكن لكل إنسان أصله الذي ينتمي له وثقافة مجتمعه الخاصة التي ينجح في تمثيلها.
إنني على ثقة تامة بأن المرأة الكويتية حاليا قد استعادت عافيتها من جديد وبدأت في النهوض وسترجع وبإصرار لتدير جميع أدوارها بنفسها وبمساندة الرجل الكويتي، وستظل كما كانت جداتنا من قبل أخت الرجال وخير من يحفظ أسرتها ويمثل بلدها.
[email protected]