لمصطلح الحرية موسيقى رنانة تشعرنا بالسعادة مع رغبة داخلية للقيام بأعمال عديدة للتمتع بالحياة وتنمية المهارات واكتساب الثروات، ولكون الحرية حاجة إنسانية فطرية لا تباع ولا تشترى لذلك ارتبطت بوعي الإنسان لقيمته الذاتية وإرادته ووجوده في الحياة وقدرته على اكتشاف مواهبه وتطوير شخصيته.
لكن الواقع الذي نعيشه في عالمنا العربي والإسلامي عامة والكويت خاصة يعطينا دلالات واضحة بأن مفهوم الحرية الواقعي غائب عن أذهان الكثيرين فنجدهم يتمسكون بالقشور الخارجية للحرية ويتناسون الجوهر الداخلي، فنحن نخوض تجارب متعددة نتمسك بها بحدة، هذا ما فهمه أعداء دولنا عن طبيعة الشخصية العربية، ولأن الإسلام هو اللحمة التي تربط مجتمعاتنا العربية جميعها وهو مصدر قوتنا وثباتنا، بدأت الحملات المدروسة والموجهة لزعزعة إيمانيات مجتمعاتنا وصدع أركان أوطاننا بأساليب لا علاقة لها بالحرب المعروفة ولا بحمل السلاح إنما بإعطائنا الوهم الجميل وجذبنا للاقتناع بعالمه السحري وبذلك نكون أداة مطواعة لهدم المجتمع.
الحرب الخفية الجديدة حيكت بدقة ونفذها أبناؤنا بعلم أو بدون علم بذلك ورسمت بألوان جميلة جذابة تثير الأحلام، أدوات التنفيذ مدربون من جنسياتنا وبرامج تدريب مختارة ومنظمة بدقة وإعلام مُسيس وموجّه يشجع على التحرر التام من كل القيود والأعراف وتسويق فكرة الحرية المطلقة لتحقيق السعادة والصحة والسلام، ومعها بدأنا نعيش مرحلة الانفلات التام من كل إطار يضبط سلوك الأفراد والجماعات، وانتقلت الحرية لخانة العبء الثقيل الذي يتنافى مع قيم ومبادئ وعادات وتقاليد مجتمعاتنا.
مجتمعاتنا العربية مجتمعات يرتفع بها عدد الشباب وللإناث نسبة واضحة لذلك كان التركيز على فئة الشباب فهم أداة التنفيذ وتحركهم طبيعتهم الجريئة للتغيير والذي يظنون أنه سيكون للأفضل فرفعوا راية حرية التعبير وضج التويتر والفيس بوك والسناب شات بالهجوم على كل قطاعات الدولة مع نشر الإشاعات وتبادل ألفاظ السباب والشتائم لمن يعارضهم أو حتى يناقشهم، وبدأ الشباب ينظرون بنظرة التعالي لكل الموروثات الأصيلة لمجتمعاتنا فهم يرون أنهم أصحاب الثقافة المتطورة التي تجيد استخدام التكنولوجيا الحديثة بتفوق مع تقليد أساليب الغرب في الحياة والتعامل، وأن يكون للفرد الحرية المطلقة في اتخاذ القرارات الخاصة به بدون تدخل أي من الأطراف الأخرى، وبدأ ينتشر في مجتمعاتنا الحديث باللغة الإنجليزية في الممارسات اليومية والابتعاد عن اللغة العربية والذي يعني الابتعاد عن الفكر العربي والتحلل الأخلاقي وإبراز مفاتن المرأة والصداقة المطلقة بين الجنسين والعلاقات المثلية وتبرير الخيانات الزوجية للجنسين والانفلات للتمتع بالحياة والتعرف على الذات حتى وإن أدى ذلك لعقوق الوالدين ونبذ الأهل والمعارف وبدأت مرحلة الانسلاخ من الدين والعروبة وحب الأوطان.
عاشت مجتمعاتنا العربية خلال الثلاثين سنة الماضية أزمات متعددة من حروب وتدهور اقتصادي وسياسي عدا الشائعات المتزايدة حول الحروب والكوارث وانتشار الأمراض والأوبئة وبدأت الشخصية العربية تعاني القلق المستمر على لقمة العيش والأمن والخوف من المستقبل وارتفعت معها معدلات الإصابة بالأمراض ذات الأسباب النفسية، فكانت البوابة الكبيرة لدخول برامج التنمية البشرية وهي المرحلة المهمة في خطة إضعاف إيمانيات مجتمعاتنا، فسحبت المتدربين لهذه البرامج لمسارات بدأت بالتعرف على الذات وبرمجتها والتعامل مع ظروف الحياة والعلاقات الإنسانية إلى تحقيق الأحلام والغنى ثم برامج الطاقة الكونية وتأثيرها على الصحة النفسية وتحقيق العلاجات بالأساليب الهندوسية والبوذية ومعتقدات فلسفية وطقوس وثنية بتمارين رياضية كوسيلة لإيهام المتدربين بالوصول للصحة والسعادة والراحة في مقابل كثرة الحديث عن أخطاء الأطباء والتأثير السلبي للأدوية، وبدأت الأفكار البوذية والهندوسية تتسلل لمجتمعاتنا وتحلل بعض المسلمين من إيمانهم بدينهم والثقة بالله، وبدأنا نسمع بخزعبلات لا سند علميا ولا دينيا لها كعدم استخدام الغلاية لعمل الشاي لأنه يقلل الرزق، وأن لا يتواجد الدرج أو الحمام في الجهة الغربية للمنزل حتى لا يتسبب بالحوادث أو المرض وتعرض الصغار للإصابة وأصعب ما سمعت ادعاؤهم بأن المساجد هي مركز الطاقة السلبية لكثرة شكوى الناس.
اتجاهات جديدة يتداخل فيها الإلحاد مع الرفض التام لمجتمعاتنا المتخلفة- حسب آرائهم - والتي لا تحقق طموحاتهم أدت إلى الفوضى التي بدأت تعصف بدولنا من كل جانب، وهنا لا بد من وقوف الحكومات لحماية الأوطان والأخذ بيد أبنائها، فالوطن هو أغلى ما نملك وديننا الإسلامي هو هويتنا التي نحمل رايتها.
[email protected]