عانت الكويت في السنوات الماضية من شح كبير في الأمطار وجفاف عالٍ في الجو تسبب في تفكك التربة وجدبها من الغطاء النباتي مما ساهم في زيادة العواصف الترابية خلال فصول السنة مع انخفاض مخزون المياه العذبة الطبيعية عدا انتشار الأمراض مع ارتفاع قياسي في معدلات درجات الحرارة.
منذ يوم الأربعاء الماضي 7/10/2018م والكويت تتعرض لموجة أمطار كثيفة وصواعق البرق أضاءت السماء وأدت غزارة الأمطار إلى إغراق بعض الطرق الرئيسية والبيوت السكنية ومحاصرة عدد من الأشخاص والمركبات وتوقف حركة المرور في العديد من الشوارع والطرق السريعة والرئيسية والمناطق الحيوية مع انخفاض مستوى الرؤية الأفقية في بعض المناطق.
سمعنا من أهالينا عن سنة الهدامة وقرأنا رواية المبدع هيثم بودي التي تؤرخ لهذه الحادثة وعاصرنا فترات لأمطار غزيرة مثل فبراير 1993م ونوفمبر 1997م وبمتابعة متأنية لما حدث خلال الأيام القليلة الماضية تجعلنا نتوقف قليلا لقراءتها، نحن نتفق أن المطر من نعم الله ولكن ما عشناه في الكويت كشعب وكحكومة خلال الأيام السابقة يحتاج منا إلى المراجعة والحزم في الموقف:
٭ الكوارث أمر إلهي وموجة الأمطار التي نعانيها هي كارثة حقيقية بكل معانيها.
٭ قدرة الله وقوته تحتاج منا للحمد والشكر والاستغفار وذكر الله لا السخرية في وسائل التواصل الاجتماعي وإلقاء التهم جزافا وبدون وعي.
٭ انتشار الشائعات بقوة وتركيب فيديوهات من دول أخرى على أنها حدثت في الكويت يدل على وجود طابور خامس يهدف لزعزعة أمن الوطن وتشويه صورته داخليا وخارجيا.
٭ افتقاد الدولة لخطط طوارئ حقيقية ومدروسة من جهات الدولة المسؤولة وتمتلك الحس الوطني وبعد النظر في التعامل مع الأزمات والكوارث.
٭ تفتقد الحكومة وجود لجنة وطنية لإدارة الطوارئ تتشكل من كل قطاعات الدولة بإدارة وطنية حازمة وقيادية تحسن التعامل الفوري مع الأحداث لوقف تصاعدها مع وجود ناطق رسمي يسمى بالاسم ويكون المصدر الموثوق للأخبار خلال الأزمة لوقف الشائعات والسيطرة عليها.
٭ الاعتراف بأخطاء السياسات السابقة في تعيين الوزراء والوكلاء والقياديين والتي اعتمدت في الغالب على أسلوب إرضاء الآخرين دون النظر للمصلحة العليا للوطن، مما ترتب عليه الوقوع في حفرة الخلل الإداري والفني والتنفيذي الذي أدى للفساد وكثرة السرقات للمال العام وظهور الشهادات المزيفة وتراجع الكويت ومعه قفزت على الساحة العديد من الأزمات حتى أصبحنا نعيش عالماً من الأزمات التي لا تنتهى.
٭ ضرورة الجدية في محاسبة المقصرين والمتنفذين على جميع أصعدة الدولة وبالذات من هم على كراسي المسؤولية.
٭ محاسبة الجهات المسؤولة عن تطوير مرافق البنية التحتية في المدن الجديدة.
٭ التشديد على متابعة ومحاسبة هيئة الصرف الصحي في وزارة الأشغال وقطاع هندسة الطرق.
٭ وضع شروط تحفظ حق الكويت في محاسبة المقاولين لجميع مشاريع الدولة وعدم التراخي في المحاسبة مع الاستعانة بقانونيين متمرسين.
٭ منع تدخل الواسطة بتاتا وبالذات من نواب الأمة وغيرهم عند إجراءات المحاسبة أو العقاب.
٭ نواب الأمة أصبح معظمهم من أسباب نوائب الأمة بتدخلاتهم غير المدروسة ودفاعهم عن مصالحهم الانتخابية والذاتية ووساطاتهم العديدة دون الاهتمام الحقيقي بالوطن والشعب وفي الأزمات نجدهم يختفون فجأه ويظهرون متأخرين وكأنهم قد صحوا للتو من سباتهم ليتوعدون بالصوت العالي الحكومة بالمحاسبة، وللأسف نسوا أن الشعب هو من أوصلهم لكراسيهم وهو يحتاج منهم للمسات إنسانية تثبت مشاركتهم للمواطنين في الأزمة.
٭ نسى نوائب الأمة ان دورهم كنواب لا يعنى بالضرورة الصراخ والمحاسبة إنما أيضا المشاركة الفعلية ودعم أولي الأمر للوصول لخير المجتمع.
٭ ضرورة تفعيل نظام الإسعاف الجوي وهليكوبتر الطوارئ.
٭ الارتقاء بمهارات وقدرات العاملين في الإسعاف البشرى (إطفاء، نجدة، مسعفين، فرق للغوص) من أفراد وأجهزة وأدوات وسيارات حديثة وتدريبات على مستوى عال داخل وخارج الكويت مع جذب العناصر البشرية لهذه الوظائف.
٭ يتوجب على المواطنين استشعار المسؤولية ونشر الفكر الجماعي وهو أسلوب المجتمع الكويتي منذ الأزل بدلاً من الركض وراء السبق الإعلامي في الشوارع والتسبب بالازدحام ونشر الخوف لدى المواطنين.
الأزمات تحصل في كل زمان ومكان وما حدث في الكويت هو كارثة بكل معانيها ولولا لطف الله واجتهاد المسؤولين لحدث ما لا يحمد عقباه، والكوارث لا أحد يجزم بوقتها ومدى قوتها ولكن يمكن التخفيف منها بالاستعداد الحقيقي المسبق والتكاتف فالكفاءة في التعامل مع الأزمات تجعل المجتمعات أصلب عودا وأقدر على المواجهة والاستمرار.
حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
[email protected]