لأول مرة تسبق دموعي قلمي، تتناثر قطراتها على الكلمات فتمسح بعض حروفها لتصبح فارغة المعنى كالفراغ الذي أشعره الآن، حروف حزينة أسطرها وأتمنى أن تنجدني من آهاتي ولكن هيهات فلا توجد كلمات تعبر عما أعانيه منذ اللحظة التي أغلقت أمي الغالية عينيها للمرة الأخيرة، بسرعة البرق انطفأ سراج البيت الذي كان ينير حياتنا ويجمعنا حوله حتى وهي على سرير المرض، لسنوات كانت مركزا لتجمعنا أنا وإخوتي جميعا، كنا نجلس حولها نضحك ونتجاذب الحديث وهي تسمعنا بصمت وعيناها تتابعنا بكل الحب الذي نعرفه جيدا.
الموت يزورنا بغتة يدخل البيوت بلا استئذان ليعلن ساعة الرحيل التي لا نستطيع منعها موعد الحق للبشر جميعا، وما أصعب الرحيل على الأحباب فعند وفاة أبي شعرت وكأن ظهري قد قصم كنت أقف منهكة لتلقي العزاء ولا أزال رغم مرور أربعة أعوام على وفاته أتذكر سوالفه وحكاياته واتمسك بوصاياه وأحيانا كثيرة يغلبني الشوق فاتأمل صورته وأحادثه.
أمي الحبيبة في لحظة خاطفة أدركت أنني كبرت بالعمر كثيرا في السابق كنت أشعر بأنني لا أزال الطفلة الصغيرة التي تتدلل على والدتها حتى وهي على فراش المرض أقفز وأضحك وأمارس ألوان الشقاوة فمن يستطيع منعي إن والدتي موجودة ولكنها الحياة تسلب منا الدفء وجميل المشاعر وتتركنا ثكلى بلا يد حنونة تطبطب علينا فنسكب الدموع بحورا لعلها تطفئ لهيب أحزاننا، آه يا أمي إننا مكلومون لفقدك وجرحنا لن يبرأه الزمان فالأم لا تعوض أبدا ولكن نرجو من الله الرحيم الكريم أن تكوني في جناته مع المرحوم والدي، فكم تميزتِ بحب مساعدة المحتاجين وهدوء التعامل مع الناس والحرص على العبادات، أدعو الله الرحمن الرحيم أن يجعل جميع أعمالك الصادقة النوايا في ميزان حسناتك وأن يناديك الملائكة بأنك وأبي من أهل الجنة.
رحمكم الله يا أغلى من سكن قلبي بواسع رحمته وأسأل رب السماوات والأرض أن يعيننا على فراقكم.
خاطرة: الوالدان هم رحمة الله في الأرض وفى حياتهم تجد من يدعو لك بظهر الغيب دائما ومن يبحث عن ابتسامتك وراحتك، وبعد وفاتهما تفقد ذلك كله فيا ليت الشباب يقدرون معنى وجود والديهم على قيد الحياة.
[email protected]