يقولون إن المرأة نصف المجتمع وأنا أجزم بأن المرأة هي كل المجتمع، ورأيي هذا ليس من باب التعصب أبدا ولكن لي أسبابي التي سأوردها في المقالة، صحيح ان المرأة خلقت من ضلع الرجل وهي العنصر الأضعف والأكثر رقة ولكنها تتحمل مسؤوليات تجعلها رمزا للحياة وسر جمالها، فهي التي تلد وتربي الأبناء وترعاهم وتتحمل بكاءهم وتصبر على آذاهم وتتحمل الزوج وتقلباته المتعددة وتهتم بالمنزل وتتابع تعليم الأبناء ومشاكلهم وطلباتهم التي لا تنتهي حتى وإن مارست عملا خارج المنزل أو عانت من الآلام وضعف جسدها فإنها تظل تنشر عبيرها الدافئ لكل من حولها، وعندما يكبر الأبناء ويشقون طريقهم في الحياة فإن المرأة تجود بكرم وسخاء أكثر فتداري الأبناء رغم كونها مركز البيت الذي يبحث عنه الجميع عند دخولهم فتجتهد لاستمرار تجمعهم العائلي وتسعى بحب لتؤلف بين الأبناء والأحفاد، إنها العطاء الذي لا ينضب والصدر الحنون الذي يوزع الحب على الجميع من دون انتظار أي مقابل وهدفها أن تظل الأسرة مستقرة، لذلك كانت المرأة هي مصدرا لحياة أسرتها واستقرارها وهي الداعم لراحتهم النفسية والعائلية.
عطاء المرأة الواضح لم يجد التقدير عبر التاريخ ولو بحثنا في الأمم السابقة لوجدنا أن المرأة قد ظلمت وتعرضت للحرمان والحزن فنجدها عند الإغريق سلعة تباع أما الرومان فاعتبروها كائنا لا روح له ولهم الحق في تعذيبها بأي شكل من الأشكال، أما في الحضارة الصينية فألزموها بارتداء حذاء يحبس قدمها حتى لا تكبر وبذلك تمنع من الخروج من المنزل واذا توفي الزوج فأهله يحق لهم أن يرثوها، أما الحضارة الفارسية فاعتبرت أن الزوجة ملك تام للزوج وله الحق في قتلها، كما انتشر لدى العرب في الجاهلية وأد البنات.
الكثيرون يرون أن مكانة المرأة حفظت في عصرنا الحديث وأن حضارتنا المعاصرة قدرت دور المرأة، وأغفلوا للأسف الشديد أن الإسلام قد حد من الظلم الذي تعرضت له المرأة خلال القرون الماضية وخلق لها حياة كريمة، ونجد في شريعتنا السمحة حفظا لحقوق المرأة في النفقة والتربية والميراث والذمة المالية، كما حفظ لها الإسلام حقها في اختيار الزوج المناسب والاحتفاظ بمهرها وصيانة عرضها وتوفير السكن وغيرها من الحقوق التي تضمن إنسانيتها.
إن التقدير الإسلامي للمرأة والذي صبغ مجتمعاتنا الإسلامية بصبغة الحرص على النساء جعل أعداءنا يخططون بدهاء لإعدام هوية المرأة المسلمة، فدخلوا علينا بأفكار حرية المرأة المبالغ فيها وحب الذات والحياة والتحرر من الدين والمسؤوليات الدينية والاجتماعية، وزلزلوا بذلك دورها الريادي في استقرار الأسرة وإنشاء جيل مسلم قوي يقود الدول للازدهار والتطور.
[email protected]