تطور الأحداث السريع حولنا يجعلنا نتوقف لمحاولة هضم ما يحدث لعلنا نصل إلى الإطار العام الذي يحيط بها، نحن لا نريد أن نكتفي بقراءة رسائل الواتساب أو تعليقات «تويتر»، بل نريد معرفة هل مركب الوطن يتهادى وسط أمواج البحر بأمان أم أن الأمواج العاتية تصطدم بسفينتنا وتتصارع معها فتبدو كالوحوش الكاسرة التي تريد التهامنا ؟
نتفق على أن هناك حالة من الغليان في الشارع المحلي مع استياء وتذمر شديدين من الأداء الحكومي المتواضع خلال السنوات السابقة، فأداء معظم الوزراء الحاليين والسابقين ضعيف إن لم يكون سلبيا تماما في وزاراتهم، مع تجميد لمشاريع التطور والبناء، وعزز ذلك انعدام المحاسبة الحكومية للوزراء، فتضخمت الأخطاء وتفشى الفساد في معظم الوزارات، وظهرت لنا أوكار للمافيا نجحت في نشر الرشوة والتلاعب والتزوير والسرقة وغيرها وقوت شوكتهم بمرور الوقت.
أما برلماننا الموقر فحدث ولا حرج، فكثير من النواب لم يعد همهم خدمة الوطن والمواطن أو التشريع الذي يعزز نمو الكويت ويحقق الأمان والرفاهية للمواطنين، بل تحولوا لداعم للفساد بكل أنواعه وأشكاله عبر الواسطة حتى للمجرمين والمخربين وتشجيع التجنيس العشوائي والمساهمة في تغيير التركيبة السكانية ومساندة قضايا تضر الوطن ومحاربة كل مصلح ووطني.
مافيا تجار الإقامات أسندوا ظهورهم على جدران منيعة فجلبوا أعدادا هائلة من العمالة الهامشية التي اكتظت بهم البلاد خلال فترة وجيزة، أصبح هناك خلل حقيقي في التركيبة السكانية وارتفعت كفة الوافدين من جميع الجنسيات.
المجتمع الكويتي غاضب من سبات الحكومة العميق، فهل دخلت هذه الأعداد من دون أن تثير أي تساءل، وكيف تم استصدار إقامات لهم؟ وهل «الداخلية» و«الشؤون» مخترقان بقوة وبرضا حكومي؟ ومن يقف وراء ذلك ولماذا؟ لم يعد المواطن قادرا على استيعاب عجز الحكومة عن الدفاع عن حقوقه كمواطن أمام المد المتزايد للوافدين، يرى الأب ولده عاطلا عن العمل لسنوات والوافد يتعين في الحكومة ويتاح له العمل الإضافي أيضا في القطاع الخاص وتبدو عليه علامات الراحة والأمان المالي مع التمتع بالامتيازات الوظيفية والعلاوات المتزايدة، لا ننكر أننا بحاجة للعمالة الخارجية ولكن بشرط أن تغطى الشواغر فقط، وكظاهرة مصاحبة لازدياد عدد الوافدين انتشرت صورة الكويتي المدلل المترف الذي يميل للهو ولا يتحمل المسؤولية حتى جاهر بعض المسؤولين بأن الكويتي ما يستاهل، صورة غريبة لم نعرفها أبدا عن الكويتي النشيط المبدع، إن كان من جنسوا من غير وجه حق قد أبدعوا بتدليل أنفسهم فهم لا يمثلون الأبناء الحقيقيين لهذا الوطن، للأسف لعب الإعلام دورا خفيا في نشر هذه الصور المريضة للمجتمع الكويتي، ومن دون أدنى اهتمام لتفنيدها من قبل مؤسسات الدولة.
في كل دول العالم لا يتجاوز الوافد حدوده إلا في وطني قوى ساعدهم وأصبحوا يجاهرون بالإساءة وتساندهم حكوماتهم وجهات أخرى تريد الإساءة لوطن النهار، ولا نسمع أو نرى أي موقف حازم لحماية مكانتنا كدولة وشعب، فأين يجد الشعب الأمان، وهل نحن مسؤولون عن تأمين الحياة الكريمة لشعوب العالم على حساب أبنائنا، وهل مطلوب منا أن ندلل الوافدين على حساب الشعب الكويتي الطيب؟ صحيح أن الكويتي جبل على مساعدة المحتاج والفقير، ولكن الإيثار كقيمة لا يعني أبدا سحق وجودنا وكياننا كدولة وشعب.
إن تصاعد نبرة الشكوى وارتفاع معدل الشعور بالإجحاف وضياع أبسط حقوق المواطن بالعيش الكريم مع تنامي الخوف والأسى من مزاحمة الوافدين للمواطنين في الوظائف والمشاريع والتجارة، لأمر مؤلم للغاية، ونتخوف من أن يأتي وقت تفقد الحكمة مكانتها أمام هدير الفساد والسلبية، هذا هو يوم العقلاء من رجال ونساء وطني، عليهم أن يوصلوا الصورة الحقيقية لما يدور داخل المجتمع لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي عهده الشيخ نواف الأحمد ولكل مسؤول، فلقد دق الجرس وأصبح صوته عاليا.
وحفظ الله الكويت وأهلها من كل مكروه.
[email protected]