كسر الإسلام العديد من القيود التي تحيط معصم المرأة الرقيق فحرم وأد البنات وأقر حقها في التصرف بمالها وشرع لها حرية الكسب الحلال واختيار الزوج الذي ترتضيه وصان كرامتها، إلا ان الثقافة الحديثة أبت إلا أن ترفع راية تحرير المرأة العربية والدعوة لمساواتها بالرجل وبالذات في الميراث والعمل والدراسة مع الدعوة لمنع الحجاب والاختلاط وتقييد الطلاق والتعدد، وبرزت العديد من الأسماء في عالمنا العربي عامة والكويت خاصة كناشطين وناشطات للدعوة لتحرير المرأة كمحمد عبده وسعد زغلول وهدى شعراوي وسهير القلماوي وأمينة السعيد ونورية السداني ولولوة القطامي وغيرهم.
ومع مرحلة البرمجة العقلية النشطة في مجتمعاتنا حاليا دخل العديد من المدربين والمدربات على الحياة والشخصيات المؤثرة اجتماعيا في خط حرية المرأة وبأسلوب جديد يبتعد عن المظاهرات والهجوم المباشر على المبادئ الدينية والأعراف والتقاليد الاجتماعية، فنجدهم ينادون بتطوير قدرات المرأة الشخصية والمهنية للنهوض بها للوصول للسعادة وكأن في أيديهم عصا سحرية ستخلق الحلول لمشاكل النساء في مجتمعاتنا العربية أخذوا يروجون لأفكار وقيم جديدة.
الإخفاق والشعور بالتعاسة والإحباط والإعياء وكثرة الظروف العصيبة وتزايد المسؤوليات الأسرية والوظيفية والمشاكل الصحية وغيرها من المتاعب والقهر والانكسارات مع تنامي الرغبة الاستهلاكية ما هي إلا عناصر تجتمع عليها النسوة في جميع المجتمعات العربية، لذلك كانت الدعوة الحديثة عبر الدورات والرحلات واللقاءات من بعض المدربين والمدربات لأن تتعرف المرأة على الأفكار والمعتقدات التي تشكل قيودا تؤثر بقوة على حياتها والتي قد تكون السبب في ألمها وعدم تمتعها بالحياة ثم يكون عليها اتخاذ القرار بكسر هذا القيد أو القيود بتشجيع ودعم مباشر من المدرب أو المدربة وبقية المجموعة وهكذا تحقق حسب رأيهم المرأة ذاتها وتشعر بالسعادة والانطلاق والحرية.
القيود التي تحيط بالمرأة حسب ما يرونه قد يكون الحجاب أو الالتزام بالصلاة أو الحياة الزوجية، وقد يكون القيد ممثلا بالأبناء أو الأهل، وقد تكون الوظيفة، لذلك اتجهت بعض النساء لخلع الحجاب وترك الصلاة وبعضهن تقدمن بطلب الطلاق مع إهمال الأبناء أو الوالدين وتركهم تحت رعاية العاملين في المنزل، كما تقدمت بعضهن بالاستقالة من مراكز العمل، والجملة المأثورة التي أصبحت الصيغة لهن جميعا هي أننا نريد أن نتمتع بالحياة والعيش بحرية وانطلاق.
الشغف الغريب بالحياة والحرية والانطلاق بمغامرات عبر دول العالم، هل ستكون الطريق الحقيقي للوصول للسعادة للعمر بأكمله أم هي سعادة وقتية ستنتهي وتتبدد مع التقدم بالعمر أو عند التعرض لمواقف الحياة أو عند الحاجة المادية؟ لقد قدم هؤلاء المدربون أوهاما مزركشة للمتدربات ولم ينموا المهارات اللازمة لرفع كفاءتهم للتفاعل السليم مع الحياة الواقعية وبما يحقق الاستقرار للفرد والجماعة وينمي العلاقات الإنسانية بعيدا عن النرجسية الذاتية.
للأسف الشديد نحن نعيش مرحلة اغتيال استقرار المرأة العربية بالترويج لمبادئ أن حرية المرأة تكون في كل شيء وأي شيء حتى وإن أضرت بحريتها نفسها والمحيطين بها وتعدت على القيم والأخلاق، وتناسوا أن المرأة المتوازنة نفسيا والمنسجمة مع واقعها بكل تفاصيله وصعوباته هي ليست بالضعيفة أو المحرومة بل هي صمام الأمان للأسرة نواة المجتمع الأولي وهي المدرسة الحقيقية التي تبني شخصية أفراد المجتمع، فقيمة المرأة الحقيقية تكمن في عطاءاتها بإنسانيتها الرائعة وأمومتها الحنونة وبتوازن يحفظ لها قدرها.
[email protected]