حسن الأدب كمال وزينة للغني والفقير على حد سواء وتجمل الإنسان في تعاملاته وسلوكه أينما كان، بينما قلة الأدب مرض لا دواء له حتى وإن تظاهر صاحبه بعكس ما فيه، لذلك وصف الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بمحامد الاستقامة والأدب في سورة القلم بقوله تعالي: (وإنك لعلى خلق عظيم) [4]، وقد قال العرب قديما إن 6 أشخاص لا تفارقهم الكآبة وهم: الحقود، والحسود، وحديث العهد بالغنى (حديث نعمة)، وغني يخاف الفقر، وطالب رتبة يقصر قدره عنها، وجليس أهل الأدب وليس منهم.
أجبرنا زمن وسائل التواصل الاجتماعي على مشاهدة فيديوهات وقراءة تغريدات تنطق بسطحية تفكير البعض وتقدم لنا صورا متعددة لأمراضهم النفسية وتعبر عن أنانيه مطلقة لا يمنعها ظرفا الزمان والمكان من البروز إلى السطح واستغلت لمآرب سياسية تحت ثوب الوطنية البريئة، فسخرت للنقد السلبي للوطن والمواطن، ابتلينا بهذا الداء وتعبنا من مشاهدة فيديوهات سخيفة وبعضها معد بأسلوب منهجي مدروس لتحقيق مآرب معينة وتحت شعار الوطنية البريئة منهم وصدمنا من انحراف مسيرة الديموقراطية، وتألمنا من تعالي الخط المعاكس في «تويتر» حتى أضحت الشخصية الكويتية الحقيقية حديثا يستغربه الجيل الجديد، وأصبح للشهرة والغنى طريقان لا ثالث لهما: «التحلطم» كما نقول بالعامية الكويتية أو تصوير الفيديوهات ونشرها.
ومع الأزمة العالمية لفيروس كورونا وسعي الحكومة الكويتية الحثيث لمحاصرة انتشار الفيروس والاجتهاد لإجلاء المواطنين في الخارج استغل البعض ذلك للتسلق لعالم الشهرة بالتحلطم فأساءوا لأنفسهم قبل كل شيء واتضحت وطنية الشعب في التصدي لهذه الأطروحات العليلة.
قد يرى البعض ان هذا هو واقع المجتمع والحقيقة هي ان الكويت وشعبها قد ظلموا بهذه الصورة السلبية والتي فرضت عليهم، فالتغير حصل تدريجيا ولسنوات للنمط الكويتي المعروف بالصبر مع العمل والجد والإبداع واحترام الطرف الآخر وحسن تقدير الذات بتغيير التركيبة السكانية، يعقبها دخول حديثي التجنيس للعمل البرلماني ونشر ثقافة السلبية والتذمر وانعدام شعور المسؤولية تحت شعارات وهاجة مع الترويج للمطالبة المستمرة بكل شيء كحق أصيل، فزرعت الأنانية في النفوس وتزايدت السلبية وارتفع معها أسلوب الاستهزاء والبطر بالنعمة حتى أدمنها الكثيرون وخلطوا جميع المفاهيم ببعض، وتوقفت عجلة التنمية والتطوير، فالمتنفذون في كل مجال ركزوا جل اهتماماتهم لاستنزاف ثروات الكويت وتكوين الأرصدة في الداخل والخارج، فبرزت إلى السطح طحالب نتنة ساهمت في تقوية الفساد.
واقع مريض للأسف تحدث عنه العقلاء كثيرا حتى فقدوا الأمل وأتت أزمة فيروس كورونا المفاجئة نعمة لأهل الكويت لتفضح العلل وتعلن بصراحة أن زمن الإصلاح قد حان، فالحكومة تملك جميع مقومات القيادة وأبناء الوطن فيهم الخير والكفاءة والحب والعطاء المخلص للوطن ولأهله فقدموا لوحة جديدة وجميلة بعيدا عن المهرجانات الغنائية المملة، لوحة تشكلت بالعمل الجاد في الصفوف الأمامية لإدارة دفة الأمان للوطن، الشعب الكويتي الأصيل الحضري والبدوي والسني والشيعي يمثلون الصف الأول والسند للحكومة، ولكن على الحكومة أن تعي أن نقد المخلصين يندرج في خانة النقد الإيجابي للإصلاح لا السلبي للتخريب، أما موضوع التركيبة السكانية ورسم الخطط المستقبلية فبحاجة لوقفة صريحة لحماية الوطن ومستقبله.
[email protected]