ارتفع الأذان ولأول مرة بعد ثلاثة أشهر من الحظر بنداء «حي على الصلاة.. حي على الفلاح»، ولتفتح بيوت الله من جديد أمام المصلين، وترجع معها صور وتصريحات مسؤولي وزارة الأوقاف في وسائل الإعلام المختلفة، كما تم الإعلان عن تطبيق «مساجد الكويت» على الهواتف المحمولة لتوعية المصلين بالتعليمات والإرشادات الصحية المتاحة.
أزمة تفشي فيروس كورونا أثبتت مدى اختلال تعاطي وزارة الأوقاف مع الأزمة وطفح على السطح أهمية الدور القيادي للوزير وقياديي الوزارة في خدمة المجتمع وتوفير الأمن النفسي والروحي مع جدية التعامل مع الوضع الاستثنائي لاسيما مع تعليق الصلاة في المساجد وغيرها من التجمعات الدينية، لا ننكر أنه كانت هناك أدوار فردية من بعض دعاة كنوع من المساهمة المجتمعية أما الوزارة فدورها يشوبه الضباب الكثيف.
الفيروس الذي لا يرى بالعين المجردة أوقف الحياة بل شلها تماما بإجراءات حكومية احترازية، وهنا بدأت مساحات من الضعف والعجز والقلق والوهن البشري تظهر وبوضوح، فالتباعد الاجتماعي ولد مشاعر الوحدة والملل والشوق للأهل والأقارب والأصدقاء، الإجراءات الاحترازية صاحبها خوف من فقدان الأمن أو النقص في الغذاء والمال أو خسارة الوظيفة عدا المشكلات الاجتماعية لكثرة التواجد داخل المنزل، أما معاناة الإصابة بالفيروس فهي صدمة للمريض وأهله مع رحلة علاج أليمة بمعاناتها ووحدتها، عدا قسوة مشاعر الفراق بوفاة المريض فلا عزاء ولا أحباب يخففون عن الأهل لوعة الفراق.
للأسف الخطاب الديني الرسمي كان ضعيفا جدا ومساحاته ضئيلة فلم يسع القائمون على وزارة الأوقاف الى بعث الأمل وتجديد الروحانيات في مجتمع مسلم بفطرته ولم تكن هناك آلية منظمة بخطط وأدوار تسعى لتهدئة القلوب المضطربة وبث الطمأنينة في النفوس أمام انتشار وباء ليس له تفسير رسمي دقيق وعلمي واحد حتى الآن.
عجزت الوزارة بكامل طاقمها ودعاتها خلال فترة انتشار الفيروس عن تسجيل رسائل إيمانية تدعو للصبر والثقة بالله والاطمئنان برحمة الله وقدرته ومدعمة بآيات وأحاديث وقصص من التاريخ الإسلامي ونشرها عبر رسائل في أجهزة الإعلام المختلفة وبالهواتف المحمولة سواء كتابة أو بفيديو قصير، لم تهتم الوزارة حتى بدعم المصابين أو أهل المتوفين بالفيروس بأي نوع من أنواع الدعم الإيماني خاصة أننا في زمن الاتصال التكنولوجي السهل، والمفارقة الغريبة أن بعض منظمي الحفلات أقاموا حفلات غنائية مجانية ومباشرة للعديد من المطربين للترويح ولقيت قبولا طيبا، فهل اهتمامهم بالصحة النفسية للمجتمع أكثر من وزارة الأوقاف بكادرها الكامل؟.
حياة المجتمع تمر بمراحل مختلفة وقد تعيش أزمات وقضايا متعددة تتضافر خلالها الجهود، ولم يكن الخطاب الديني الذي يعتبر سمة جوهرية في كل المجتمعات الإنسانية، سواء كان دينا سماويا أو وضعيا، منعزلا بل ظل خطابا حيويا متداخلا مع المجتمع وقضاياه، ولو رجعنا للتاريخ الإسلامي والمحلي لوجدنا للخطاب الديني فاعليته عند الأوقات الصعبة والأزمات الحادة، لأن الوظيفة الإلزامية للخطاب الديني لا تنحصر في المساجد.
[email protected]