انقطعت ولفترة طويلة عن نشر المقالات و«الحزاوي» وتركت الكتابة والتي كنت اعتبرها جزءا لا يتجزأ من حياتي، وتزاحمت الأسئلة حولي لماذا أتبع الصمت رغم سخونة الأحداث وتصاعد وتيرتها حولنا؟ كان عقلي يناقش القضايا المتعددة، ولكن بلا نتائج واقعية، كان هناك سلطان أقوى من كل القضايا السياسية والصحية والاقتصادية والتعليمية، إنه وببساطة خطوبة وزواج إحدى بناتي الغاليات.
تدور الحياة وتمر الأيام وفق قوانين كونية ربانية تحكمها، وقواعد حياتية تنظم حياة البشر لتتوازن عندها الحياة ونحقق الاستقرار النفسي والاجتماعي وغيره (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) «فاطر: 43»، والزواج قاعدة اجتماعية حياتية مهمة ولكنه ليس سيناريو معداً مسبقا، بل هو مرحلة حقيقية جديدة في الحياة وفك صريح للالتصاق المباشر بين الأم وأبنائها.
الأمومة غريزة وفطرة وأعترف أن المشاعر في داخلي كانت متضاربة ومتناقضة أو ما يطلق عليه ازدواجية المشاعر وبصورة لا يمكن الفكاك منها، كانت تتنازعني مشاعر الفرح والخوف والحزن والترقب والحيرة، السهر شكّل الرفقة الدائمة لي ليس حبا به ولكنه التفكير وصراع المشاعر المكبوتة الذي أطار لذيذ النوم من جفوني.
زواج الأبناء يضعنا فجأة في مواجهة أجزاء منا مع ضرورة التعامل مع كل التوقعات الاجتماعية بحرص وحذر، السعادة شعور طبيعي لا يمكننا إنكاره ولكن هناك مساحة في داخل قلب وعقل ونفس الأم من الصعب التعبير عنها يجعلها كثيرة التفكير والشرود يغلبها التبلد في ردود الأفعال مما يثير استغراب من حولها هل هي سعيدة أم لا، ولماذا المبالغة في التعامل مع حدث سعيد كهذا؟
المشكلة الحقيقية ليست بتناقض مشاعر الأم فقط بل في محاولة إنكاره من قبل الآخرين، فالأم سعيدة لكنها تعيش تحت ضغط كبير لا يفهمه الآخرون، إن دور الأمومة يصل لأقصى مراحله عند خطبة أحد الأبناء فهو نقطة الترقب غير محدودة لمستقبل غامض تعيشه الأم بكل ذرة من ذرات وجودها وبدعاء صادق من أعماق قلبها.
تجربتي الجميلة علمتني أن أسعد لحظة تترقبها الأم هي أن ترى ابنتها وابنها في بيت الزوجية، وأن تدعمهما بثقتها بهما وبقدرتهما على تأسيس حياة جديدة مستقلة، أما دموع الأم يوم الفرح فلا تعني الحزن إنما هي دموع فرح حقيقية، وان صراع المشاعر في قلب الأم لن يتوقف أبدا فستظل الأم دائما نبع الحنان ومصدر الأمان لأبنائها.
[email protected]