يا ترى ما أسباب تراجع الثقة بين الناس؟! بل وتكاد تكون معدومة لدى البعض!، فما الأسباب يا ترى؟ هل بسبب تفشي أهل «الأخلاق السيئة» أصبحت الثقة معدومة؟
فكلنا ندرك أن أهل الأخلاق السيئة يمارسون الكذب، والنفاق، والحيلة، والمراوغة، والمناكفة، والخداع، فهل أصبحت ممارستهم هذه هي من صور لبعض العقول بأن المجتمع أصبح كله يحمل أخلاقا سيئة كأخلاقهم؟! مما جعل هذا التصور يتسبب إلى حد كبير في انقطاع المعروف عند قطاع كبير من الناس؟! «أتساءل»!
فعلينا طرح مثل هذه التساؤلات على عقولنا حتى نصل إلى الحق والحقيقة في هذا الصدد، وأعتقد أن العاقل سيخلص إلى نتيجة مفادها:
أن هؤلاء -أهل السوء- قد يؤثرون فعلا على مسيرة المعروف الفاضلة بين جوانب المجتمع، ولكن على «اليد الفاضلة» عدم التأثر بهم، وألا تنحني أمام من يغرس بذور الشر مهما كان، فاليد الفاضلة يجب أن تملك ذكاء وفطنة عند ممارسة فضيلتها بين أرجاء الحياة، وألا تتزعزع أمام الزيف والغش والوهم الذي يرسمه الأشرار بين خطواتها الحميدة.
أيها الكرام: جميعنا يدرك ويفهم أن صاحب الخلق الكريم، واليد الفاضلة، عندما يأتي ليمارس كرم الأخلاق الذي امتاز به فإنه يحجم ويتراجع ويتعرض لصدمة أحيانا، وهذا الإحجام وتلك الصدمة أتيا بسبب موقف قد تعرض له يوما ما مع شخص من أمثال هؤلاء -أصحاب الخلق الذميم-، فالسيئون من الناس هم من يجعلون الفضلاء من الناس يتراجعون عن فعل الكثير من الخير.. أحيانا، ولكن:
نقول ونكرر، على صاحب الخلق الكريم أن يتحلى بالحكمة والكياسة، وعليه العدل بين الناس والمعاملة بالحسنى، فالإنسان مهما رأى من صنيع الأشرار فعليه عدم ظلم الأخيار من الناس، فمهما صادفنا من «كذابين» فهناك الكثير من «الصادقين»، ومهما انخدعنا من بعض «المنافقين» فهناك الكثير من «المخلصين»، لذلك لتكن نظرتنا ثاقبة، وعلينا تقييم الأشياء بعدل وإنصاف، وعلينا التفريق بين الغث والسمين، وألا نلتفت لوساوس الرچيم وقبيله!.
٭ ختاما: هذه الحياة مثل الأرض الوعرة والملبدة بالشوك، من جانب، وبها شيء من الورد والأشجار الجميلة من جانب آخر، فمن تعرض لشوكة منها فعليه ألا يصدر قرارا عاما وظالما عليها، ويقول إن الحياة كلها (شوكية)، ومن تعرض لناحية الورد والأشجار الجميلة فعليه ألا يظلم الحياة ويقول إنها كلها: (وردية)، والحكم العادل هنا هو أن يكون الإنسان متوازنا في تقييمه، ولا يصدر منه حكم عام على الحياة، فالحياة تحوي كل شيء، الجميل والقبيح، والحلو والمر، ويجب أن نعي هذا جيدا، وأن نعطي كل شيء منزلته الصحيحة، وعلى اليد الفاضلة أن تفرق بين الحالة «الشوكية والوردية»، وعليها الاستمرار والمضي بثبات في مسيرتها الفاضلة ودون تأرجح.. وفق الله الجميع لرضاه.
نصيحة أكتبها لك شعرا:
دنيا كفا الله شرها.. ما لها أمان
تعطي وتاخذ.. ثم تاخذ وتعطي
بين العسل والمر.. وأفراح وأحزان
هاذي سواياها مع الناس.. مبطي
خلك حذر منها.. على مر الأزمان
من يامن الدنيا من الناس مخطي
كم اقهرت، كم ذلت إنسان وإنسان
وإن هودت كم يوم.. لابد تسطي
[email protected]