|
لافي فهد اللافي |
يوم الجمعة الماضي ودعت الكويت والجهراء خصوصا أحد رجالاتها الأوفياء والمخلصين الذين سكنوا في ذاكرة المجد والعزة وسجلوا تاريخا مليئا بالإنجاز والعمل ومفعما بالشجاعة والإقدام، وهو العم الغالي لافي فهد اللافي، نسأل الله له الرحمة والمغفرة، وبفقده تكون الجهراء فقدت أحد رموزها وأحد رجالاتها البارزين.
العم لافي اللافي أبوفهد.. بلغ من العمر رحمه الله المائة عام، قضاها بين مضامر المجد والعمل الجاد وبين باحات بيوت الله المساجد، فلم نسمع عنه إلا خيرا، وقد لازمته سنين طوالا في أطهر مكان وهو المسجد (مسجد عبد الرحمن بن عوف في الجهراء)، ومنذ كنت طفلا مع والدي (رحمه الله) أذهب للمسجد وأنا أرى لافي اللافي في الصفوف الأولى في المسجد، وحتى بعدما كبرنا ونحن نراه في الصفوف الأولى في المسجد كذلك، فكان رحمه الله حريصا على صلاته وعلى طاعة ربه.
وكنت أزور العم أبوفهد في ديوانه العامر في الجهراء كل يوم العصر، وكنت أشعر بالعجب من هذا الإنسان الفريد في شخصيته والوافي في خصاله، فكان رحمه الله ملما بالتاريخ والدين والسياسة والشعر.. وقارئا جيدا للكتب بمختلف مجالاتها، فكنت كلما دخلت مجلسه أرى بين يديه كتابا، وكان يحدثنا عن التأريخ وعن صولاته وجولاته عندما كان شابا يافعا في أول عمره.. وكيف كوّن نفسه هو ورفيق دربه وأخوه الأصغر عبدالله اللافي (عضو المجلس التأسيسي) رغم وفاة والدهما وهما صغيران، وكيف واجها صعوبات الحياة برفقة عمهما سعد اللافي رحمه الله (والد النائب الاسبق بندر سعد اللافي)، فكان أبوفهد يتحدث لنا عن فترة الثلاثينيات والأربعينيات وكأنها الامس القريب، وكان يقص علينا كيف هي حياة الاجداد وكيف عانوا وكيف تعبوا وتحملوا صعوبات الحياة القاسية قديما.
لافي اللافي هو من أوائل الذين ملكوا السيارة في الجهراء هو وعبدالله الخلف السعيد، وهو أول مختار لمدينة الجهراء، وكان المختار حينئذ ذا سلطة حقيقية وذا صلاحيات كبيرة، وبعد المختارية أصبح عضوا في مجلس الأمة عام 1967، وأيضا ترشح وأصبح عضوا في المجلس البلدي، وكان يقول لي: «يا ولدي يا هاني كنت ما أرد أحد ولا أفرق بين الناس.. إن جاني الشمري وقعت له وإن جاني غير الشمري وقعت له».
يقول أحد الشعراء مادحا لافي وعبدالله اللافي:
منهو اللي حط في بطني جماله
غير ولد الشيخ وعبدالله ولافي
هيلعين لا ارتكا للحمل شاله
اشهد ان أبو فهد لافي سنافي
أردت في هذا المقال أن أقدم لمحة سريعة عن هذا الرجل الفذ والنادر، وكلماتي لن تستطيع أن توفي تاريخ رجل مثل لافي اللافي، ومتمنيا أن أرى ذكراه مخلدة من خلال اطلاق اسمه على احد شوارع كويتنا الحبيبة. ورحمك الله يا أبوفهد.. وستظل في ذاكرتنا ولن ننساك أبدا، وأنا شخصيا لن أنساك لأنني كنت أحب سمو النفس الذي كنت تحمله.. والأنفة الباهرة التي كانت تلازمك.. والعزة اللافتة التي لا تغادرك.. وشموخ الرجال الذي لا يفارقك، فنسأل الله أن يجعل الرحمة مآلك، والجنة دارك مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، ونسأله سبحانه أن يلهم ذويك الصبر والسلوان وأن يعينهم على مصابهم،
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
hanialnbhan@