مطبات السياسة.. حقا مؤلمة، ويشعر بألمها كل من يندفع نحوها مسرعا وهو على البركة من دون تأن وعقلانية وبصيرة، هذه الحقيقة وإن كانت مؤلمة في واقع الحال، إلا أن تجربتها كفيلة بأن تمنحك الدروس حتى تتعظ وتكتسب دروسا قيمة في عالم السياسة الذي مازال ملوثا بسبب ممارسات شخصانية.
للأسف كنت أعتقد أن السياسة «فن الممكن» هذا حسب ما تعلمته من كتب الثقافة والمحاضرات والندوات السياسية، لكن الحقيقة التي أراها أن هذا الفن مجرد مصطلح وشعار نتغنى به في حواراتنا الساذجة، والتي دائما ما تنتهي بالعداء والكراهية والطعن والانتقام، وهذا ما سيحدث إن لم تكن مع رأيهم، وهذا جاء من صناعتنا للأسف نتيجة الفهم الخطأ للسياسة.
قد يكون هذا المصطلح يرفرف في عالم السياسة في الدول المتقدمة التي تحترم الديموقراطية والرأي الآخر، بشرط أن يكون هذا الرأي لا يتعدى على الآخرين، ولا ينشر سموم الكراهية لدى جماهير المجتمع الواحد المتماسك، ولا حتى مع المخالفين وان كانوا في مجتمعات أخرى.
ولكن ما يحدث هنا بعيد كل البعد عن السياسة التي تهدف إلى إصلاح الخلل، ومصطلح «فن الممكن» للأسف حولته اللعبة السياسية وسط الصراعات المتراكمة والمكشوفة بتبعياتها إلى مصطلح «إما أن تكون معي وإلا أنت ضدي»، وجاء هذا المصطلح كوسيلة واضحة للانتقام بين الأطراف المتصارعة بأدوات مكشوفة مآربها، ودائما ما تسعى لضرب الوحدة الوطنية بهدف تقسيم المجتمع لفرق متصارعة حتى تتحقق أهداف عدم الاستقرار والفوضى، أما العزف على أوتار إصلاح البلد فأصبح نكتة بايخة، لأن الإصلاح أصبح مجرد مادة دسمة تلقى على الناس لتحقيق أهداف مرسومة، والحقيقة أن الإصلاح آخر همهم، وسلوكهم الفوضوي المعروف لا يبشر بالخير أبدا.
فالأمر اليوم بات مكشوفا لكل من لديه عقل يحكم به، فالساحة اليوم تكتظ للأسف بالفرق المتصارعة في ملعب السياسة وإن كان على حساب البلد، المهم بالنهاية من الذي سينتصر، ويكسر خشم الآخر!
فمتى يعي العقلاء أن الوطن أهم من تحقيق مصالح خاصة سواء كانت دراهم أو مناصب أو التقرب للنفوذ، الحالة المحلية بحاجة إلى ضمائر تفكر في إصلاح حقيقي بدلا من تهيج المجتمع على قضايا خارجية وقضايا ساذجة ليس لنا بها لا ناقة ولا جمل؟! الأهم في تلك الفترة أن يتذكر المصلح حال وطنه وإلى أين سيذهب ما دام الانقسام القبلي والطائفي والفئوي تحول إلى أجندة يحملها من يسعى إلى الوصول للكرسي الأخضر؟!
حقا اليوم، علينا مسؤولية وطنية ملحة بأن نحترم بعضنا وإن اختلفنا دون تخوين بعضنا البعض، ويجب أن نلتفت للقضايا التي تهمنا دون زج أنوفنا في صراعات أشخاص أعدادهم لا تتجاوز أصابع اليد، الكويت تحتاج المخلصين وليس من الوطنية أن نعاقبها بقضايا شخصية واصطفافات ملوثة.
[email protected]