اليوم نشاهد ساحة مكتظة بالفوضويين الذين يمارسون ابشع أساليب التعديات والتجاوزات والترضيات من اجل نفخ «بلونة» مصالحهم الخاصة تحت غطاء الغش السياسي المتمثل بدعواتهم الإصلاحية الزائفة، وللاسف يتم بدعم لوجستي من قبل اتباعهم الذي يهرولون خلف مكاسبهم المشبوهة وهذا يتم على حساب أحقية الآخرين من المصلحين الحقيقيين، الذين أصبحوا اليوم ضحايا نفاق هذه الجماهير المتحمسين لحلب المكاسب المتاحة تحت قدراتهم ولو كان هذا الحلب غير مشروع وغير اخلاقي.
الفوضى لا يمكن أن تعالج الا بكسر أصنامها التي بنيت تحت ظروف معينة وتحت ترضيات وضغوط معينة جاءت لمصالح متنفذين كان همهم الاول والأخير هو الحفاظ على كراسيهم ومكاسب غير مشروعة.
إن حل هذه المعضلة يجب أن يبدأ بكسر تلك القواعد وقياداتها من خلال البدء بنهج جديد يقاد من رجال دولة شجعان ومخلصين لا تهمهم المراكز بقدر ما يهمهم تصحيح المسار الأعوج الذي تأسس من سنوات طويلة، واهم صفات تلك القيادات القدرة على اتخاذ القرار من دون خوف ولا حسابات خاصة بشأن العمل على إلغاء باب الترضيات حتى لو كان الثمن مواجهة هؤلاء الفوضويين الذين يرون ساحاتهم نظيفة وساحات الآخرين ملوثة، وهم فاسدون.
قد يكون واقع التصحيح مكلف الثمن ولكن إصلاح الخلل دائما يحتاج الى المواجهة وإن كانت الخسائر كبيرة، والأهم هو البدء بمحاربة المقربين واصحاب النفوذ من الفاسدين، حتى وان كانت المواجهة صعبة الا أنها ستنجح بنهاية المطاف، لأن الحق أحق ان ينتصر على الباطل.
قد يكون هذا الأمر ليس بالأمر السهل، ولكن اصبح واقعا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اجل رسم خارطة طريق جديدة تحكمها قوة القانون، تبدأ بتحطيم قواعد النفاق والفوضى، وتكمن في احترام القانون وليس قوة متنفذين يتحركون وفق توجهاتهم المشبوهة، نعلم تماما ان تغيير النهج لن يأتي بعشية وضحاها، ولكن قد يأتي مع جيل جديد سيتأقلم مع هذه الخارطة الإصلاحية الجديدة وسيجد نفسه ملزوما باتباعها، حتى يتحول الاصلاح الى ثقافة مجتمعية معززة بالانجاز والتطوير والازدهار، بدلا من الثقافة المعززة بالتجاوزات والترضيات والتي نتج عنها الخراب واختفاء الكفاءات وتحطيم كل طموحهم بسبب قوة المتنفذين كما هو المشهد اليوم.
قد يعتبر البعض ما أقوله مجرد تنظير وبعيدا عن التطبيق، وانا اقول نعم تنظير اذا لم تكن هناك نفضة وغربلة لواقعنا المرير من رجال دولة لا تهمهم الا مصلحة البلد.
[email protected]