لو عملت، لو سمعت، لو نجحت، لو فعلت، لو لو لو، كثيرا ما نتناولها في نقاشاتنا مع بعضنا البعض عندما نتحسر على شيء مضى.
والمشكلة لا تقف في محطة «لو» فحسب بقدر ما هي تمتد إلى إحباط النفس من أي تحرك وجهود تتجه نحو خطوة من شأنها أن تحقق أهدافا أو أحلاما رسمناها لأنفسنا، بمعنى أصح أن كثيرا من الناس أصبحوا أسرى إخفاقات الماضي والاستسلام لواقعهم الذي يعيشونه على ساحة ذكريات أليمة نتيجة إحباط، وهذا بحد ذاته عدو لأي نجاح ممكن أن يتحقق، ولكن إذا استبدلنا «لو» بالتفكير نحو رسم أهداف قد نحققها إذا عملنا بجد واجتهاد فسيكون هذا هو الطريق الأمثل لنا جميعا.
أثناء نقاش في إحدى الجلسات، احد الحضور لم يعجبه النقاش لأنه كان مستسلما لواقع مرير يعيشه نتيجة يأس يحيط بأفكاره من كل الجوانب، فكان يبرر بأن تحقيق الأهداف ممكنة في المجتمعات الصحية التي تسير وفق معايير وقوانين تطبق على الجميع، وقال: طبيعي جدا المبدع سيحقق أهدافه ما دام معيار الكفاءة هو الأساس من غير ما ينطق بـ «لو».
أما في المجتمعات غير الصحية التي تعتمد على الترضيات والتحالفات والحسابات من اجل مصالح ضيقة لا يمكن للكفاءة أن يأخذ حقه وهذا أمر واقع والكل يعرفه ومنهم من كان ضحية هذه الممارسات، لذا علينا أن نكون اكثر واقعية من أفكار ترسم بريشة طموح أساسا لا تليق مع الحالة المجتمعية المبنية على المكاسب الشخصية.
فمن خلال هذا النقاش وردود الأفعال من هنا وهناك، رجعنا لننطق كلمة «لو» كنا في مجتمع يفكر في مستقبل البلد من دون مصالحه الشخصية لما كان هذا حال أصحاب الطموح والكفاءات، ولو كان معيار الكفاءة والتخصص هو القائم لكان حالنا افضل بكثير مما نحن عليه اليوم من تخبط وإحباط، ولو كانت اختياراتنا للكفاءة في الانتخابات لما كان حال الترضيات هو عنوان الحالة السياسية.
بمعنى آخر «لو» غالبا ما تشير إلى التحسر على أمر مضى أو أمر نتمناه، لكن لو استبدلنا هذه الكلمة بالعمل والتوعية ونشر الصلاح بيننا وإن كان بعد زمن طويل قد نحقق ما نتمناه لبلدنا وأنفسنا، أما اليأس والإحباط هما طريق الفشل نحو كل شيء جميل، فلا تكونوا أسرى لإحباطكم.
[email protected]