الشعوب أشكالها مختلفة، وعندما أتطرق لكلمة شعوب هنا اعني بها كل مواطنيها من مختلف الطبقات، واقصد حتى من يمثل الحكومات والقيادات بشتى أشكالها وألوانها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لو تحدثنا عن الشعب الياباني لوجدنا أن قيام النهضة اليابانية جاء بعد هزيمتها ودمارها في الحرب العالمية الثانية، فمن هنا اختار الشعب الياباني آنذاك العزلة عن العالم واهتم بالتعليم واصبح الشعب يتحدى ذاته ويتصارع مع الزمن حتى استطاع تأسيس قواعد تعليمية صلبة، استطاع من خلالها النهوض ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، الى ان استطاع ان يحقق معجزة اقتصادية ابهرت كل العالم خلال سنوات قليلة، مما جعل العالم يحترم هذا الشعب بكل افراده وقياداته، واليوم اليابان تعد من اقوى دول العالم على المستوى الاقتصادي.
٭ وأيضا إذا تطرقنا الى تجربة سنغافورة، في عام 1965 قررت ماليزيا التخلي عن سنغافورة التي كانت وقتها جزءا منها، الأمر الذي تسبب في انهيارها حتى ان اصبحت سنغافورة من اخطر بلدان العالم بسبب انتشار الجريمة نتيجة وجود الفقر الشديد وانهيار مؤسساتها، فماذا فعل شعبها حتى تنهض؟!
اعتمد على الاستثمار في الشعب السنغافوري، من خلال ارسال البعثات العلمية والعمل على تطوير المستوى الثقافي والتعليمي خاصة على المستوى الصناعي، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وبعد سنوات من الجهود الشعبية بقيادة حكوماتها تحولت إلى أغنى دول العالم، حتى أن سنغافورة احتلت الترتيب الثالث على العالم.
هذا النوع الفعال من شعوب العالم يدركون أهمية تطوير أوطانهم من خلال بناء الإنسان من أجل ذاته ووطنه.
٭ أما النوع الآخر من الشعوب، فهو الشعوب التي لا تسعى للمصلحة العامة لتطوير الأوطان بل تسعى لتحقيق أهداف خاصة، فلو نظرنا للدول العربية بشكل عام، ماذا سنجد؟!
٭ نجدهم اكثر الشعوب يدعون الفهم والعلم والثقافة في ملتقياتهم، والحقيقة أنهم يقولون ما لا يفعلون، القيادي منهم ينظر للكراسي وتضخيم الأموال أكثر من النظر لتحقيق أهداف عامة يترك من خلالها بصمة خالدة للأجيال في وطنه، وينادون بالقانون وهم أول من يكسره على حساب مصالحهم الخاصة، يرغبون في العمل دون وجود خطة إنجاز وتطوير، يرغبون في المناصب للوجاهة من دون وجود كفاءة، يسعون للديموقراطيات من دون ممارسات ديموقراطية حقيقية تخدم بلدانهم، يسعون للعدل والمساواة وممارساتهم دائما ما تكون ضد الأقليات الذين يختلفون معهم بالعرق والدين والمذهب، يطالبون بحرية الشعوب الأخرى وتجد حرياتهم أساسا مسلوبة، نراهم يتغنون بتطور أوروبا وبنفس الوقت لا يسعون لأخذ تجربتها بحجة أنهم كفار.
٭ هذه النوعية من الشعوب لن تنهض أبدا ما دام تفكيرهم متوقفا على نهج ضيق، بل مصيرها دمار شامل على جميع المستويات، وسيقضي عليهم التعصب الديني والمذهبي والفئوي العنصري.
[email protected]