عندما كنت في المرحلة المتوسطة، اشتهرت بكتاباتي رغم صغر سني، الكل يطلب شعرا أو قصة أو مقالة لغرض في نفسه، فكنت ألبي فرحة بموهبة يشار إليها بالبنان تسعد وتفرح الغير فتسعدني وإن ظهرت بصورة قد لا تكون مثالية الآن لكنها في حينها هي الكمال بذاته.
أتذكر جيدا حين أخذتني بعيدا عن صويحباتي وهمست في أذني قائلة: أمي تسلم عليك وترغب لو كتبت قصيدة عن أم موجعة من هجر ابنها لها.
لا أدري كيف عبرت بكلمات حزينة وبإحساس أم كما لو كنت محلها بمشاعرها وتوجعها وانتظارها ودعائها.. وختمت ما كتبت بمقولة (قلبي على ولدي وقلب ولدي من حجر) تقول تلك الصاحبة: بكت أمي حين قرأت ما كتبت لها.
بالصدفة التقيت بها بعد طول تلك السنوات الطويلة وتذكرنا تلك الحادثة وضحكت على إمكانيات محدودة لي في تلك الفترة لكنها مؤثرة جعلتني لليوم معروفة لدى طالبات تلك المرحلة بما كنت أكتب.
ما جعلني أتذكر تلك التجربة ما أسمعه اليوم من حديث أمهات في مثل عمري عن عقوق أبناء وهجران لأم أو أب لأسباب تافهة كاختلاف وجهات نظر أو نصائح تقدم من خوف وحرص وزواج مرغوب دون تكافؤ.. من حالات يسعى الوالدان لطلب رضا الأبناء في وقت انعكست فيه المبادئ والقوانين كأن رضا الأبناء من رضا الرب لا العكس، كأن الجنة تحت أقدامهم لا هي تحت قدم الأم.. كأن الله حين قال (ولا تقل لهما أف) لم تعد مفهومة لدى بعض الأبناء.
اليوم غالبية الآباء والأمهات يشعرون بالألم نتيجة تصرفات الأبناء.. لماذا؟ هل هي تربية خاطئة؟ أم هو عقوق يدل على اقتراب الساعة؟ حقيقة حين ترى دمعة أم تنزل جراء عنف ابنة أو حسرة تعلق بفم أب نتيجة قسوة ابن يعطي دلالات على أن هناك خللا ما قد نعرفه وقد نغفل عنه.. هل هو الدلال.. تحمل مسئولية عنهم.. عطاء غير محدود.. علامات استفهام كثيرة وعديدة تنذر بهرم مقلوب لا عدالة فيه طبعا ليس كل الأبناء، هناك من المؤكد من هو بار بأب وأم لكن كثرة ما نسمع ينذر بغضب إلهي مخيف وعبارة تتكرر في شوارع الكويت بمعناها أن ما تفعله بهما سيفعله الأبناء بك وكما تدين تدان.
[email protected]