اعلمي يا حبيبة الروح «بلقيس»
أنني عندما كنت أسألك عن رأيك حول شراء اللباس الذي ترغبين - وعمرك لم يتجاوز العامين - كنت أتيه فرحا وأنا أراك تنتقين تلك «البيجاما» الوردية وانت تدققين في تفاصيلها، كنت أرسم في ذهني صورتك وأنت الفتاة القادرة على اتخاذ قراراتها دون تردد.
أما عن عطرك المسك الأبيض الذي كنت أضعه لك كل يوم وأنا اتمتم داخلي «حبيبتي لتكن نفسك أولى أن تهتمي بها لأجل نفسك قبل أن يكون من أجل أي شخص».
وعندما كنت أدعك تسرحين شعرك بنفسك وأجد رغبتك في ذلك، وأنت ابنة الست سنوات، وبالرغم من عدم قدرتك على إتقان ذلك، كنت أتشوق لتسريح شعرك والتفنن في وضع ربطات الشعر الملونة، كنت أتغاضى عن تلك الخصل التي لم تستطع أصابعك الصغيرة اللذيذة أن تمسك بها بالكامل، ودافعي أن أراك تلك الفتاة الواثقة بقدراتها القادرة على القيام بشؤونها الشخصية وتنمية مهاراتها.
وهل تعلم يا نور العين يا «عبدالرحمن»
أنك وأنت في عمر السنة والنصف كنت أقضي الساعات الطوال في الحديث معك وأنا أقوم بتغيير ملابسك أو إطعامك.. وعيني تنعم في عينيك وتفاصيلك الصغيرة لم أكن أمل أبدا.. فلا تعتقد بعد أن كبرت قليلا أنني سأضجر من القيام بربط خيوط حذائك الرياضي.. إنني كنت أصر على أن تجتهد في ارتدائه لوحدك وإن صعب عليك الأمر، حتى تكبر شابا قويا قائما بأموره ومسؤولياته..
هل تذكر يا عبدالرحمن مسابقة القراءة التي شاركت بها على مستوى الوطن العربي لتلخيص خمسين قصة وعمرك لم يتجاوز تسع سنوات.. هل تعلم أني كنت أحب أن أساعدك في ذلك، ولكن كنت أنظر إلى أبعد من المسابقة والفوز بها.. أحببت فوزك بالانتهاء من تلخيص تلك القصص بجهد ذاتي وإن لم تكن نتيجة التلخيص مثالية.. لأصنع فيك ذلك الرجل المعتد بنفسه الواثق بقدراته.
وأنت يا عزام يا فلذة الفؤاد..
قد تقرأ كلامي هذا لاحقا عندما تكون قادرا على القراءة، هل تعلم يا بني عندما كنت تبلغ السنة والنصف وتخبرني عيناك وتشير بأصابعك التي أكاد أذوب بها وهي تشير إلى جهاز «الآيباد» الذي بحوزة أخيك، كنت ألهيلك عنه بإطلاق الأغاني والأحاديث والضحكات قبل أن تتملكك العبرات، كنت أود أن ألبي رغباتك وأراك راضيا هادئا ساكنا.. ولكن خوفي عليك من هذا الجهاز الكفيل بتدمير العقل وتقليل القدرة على التواصل اللفظي منعني من ذلك.
واعلم يا صغيري
أنني في رؤيتي لك في هذه الأيام - وأنت تكاد تبلغ السادسة من العمر - تزرر قميصك صباحا جاهدا للانتهاء من ارتدائه فتطلب مني أن أساعدك مرسلا إلي نظراتك البريئة، هل تعلم أن من أجمل اللحظات عندي أن أنشغل بتفاصيلك تلك، لكن حبي لابني تلك الشخصية الفتية المميزة المؤمنة بقدراتها رغم صغر سنها غلب كل شعور..
أبنائي الأعزاء، قلبي يمتلئ بحب وعاطفة لكم، أداريها عنكم في أحيان كثيرة لأبني في نفوسكم القوة والثقة التي تحتاجها قلوبكم في هذه الحياة..
دمتم بسلام وصحة وحب ما حييتم..
أحبكم.. «أمكم»