لم يرتبط شخص بمقولة مثلما ارتبط الفيلسوف الإيطالي نيكولو ميكيافيلي، فعند الحديث عنه تجد غالبية الناس مثقفهم وغير مثقفهم يستدعي مقولة «الغاية تبرر الوسيلة» وكأنما لم يكتب ولم يقل غيرها، وصارت بمنزلة تكملة لاسمه، وهي مقولة وردت في كتابه «الأمير» الذي يتعرض فيه لنظم الحكم.
وعلى الرغم من أن ميكيافيلي له العديد من المؤلفات والأقوال والآراء، إلا أن غالبية الناس يقصرون نتاجه الفلسفي والأدبي على هذه المقولة، مع أنه يعد المؤسس للتنظير السياسي الواقعي، كما تعد كتاباته عصب دراسات العلم السياسي.
وبرز كتابه «الأمير» كأشهر مؤلفاته على الإطلاق، بل أشهر كتاب يتناول العلم السياسي، وتأثر ميكيافيلي كثيرا في كتابه بالأحداث التي عاصرها في مدينته «فلورنسا» بإيطاليا وما مرت به من أحداث سياسية مضطربة.
هذا الانطباع الذي أخذ عن ميكيافيلي في حقيقة الأمر بعيد كل البعد عن الواقع، حيث إن فلسفة ميكيافيلي كانت تهتم بحث الجماهير على المحافظة على حريتها في التعبير وذلك من خلال النظام الجمهور الذي كان ينادي به، وعلى الرغم من تبنيه سياسة دفاع الجماهير عن جمهوريته إلا أن الواقع أرغمه على التعامل مع الأسرة الحاكمة التي كانت تحكم فلورنسا آنذاك.
يدعو كتابه «الأمير» إلى استخدام ما يسمى في العلوم السياسية الحديثة بـ«القوة الخاطفة» بمعنى استخدام القوة الكبيرة الباطشة لكن في مدة زمنية قصيرة أو ما يسمى بنظرية «الصدمة» وذلك لإخضاع الجماهير والتحكم فيها، ويعد كتابه هذا مرجعا لكثير من النظم السياسية خاصة الديكتاتورية منها التي حولت ما جاء فيه واقعا لتحقيق أهدافها وطموحاتها خلال تعاملها مع الجماهير ومحاولة السيطرة عليها.
ما لا يعرفه البعض أن الكثير من الاختراعات التي قدمها الرسام والمخترع الإيطالي ليوناردو دافنشي يعود الفضل فيها إلى ميكيافيلي، إذ كان يشجعه ويحثه على الاستمرار في تقديم المزيد.
[email protected]