باعت أمه «عنز» حتى تعطيه قيمتها لينتقل بهذا المبلغ الزهيد من القرية الى احدى المدن بحثا عن العمل وطلبا للرزق.
وفي المدينة المتوحشة كما يصفها لحظة وصوله إليها جمعته الصدفة برجل كريم وشهم لا يعرفه ولا تربطه به علاقة نسب.
مد له يد العون ووقف إلى جانبه إلى أن حصل على الوظيفة ولم يتركه حتى بعد الوظيفة.. تبدلت حياته خلال فترة وجيزة وأصبح يرسل الأموال إلى والدته وإخوته في القرية الذين تبدلت أوضاعهم للأفضل.. استمر في العمل ولا يزال الرجل الكريم يقف إلى جانبه يرشده إلى طرق التجارة والعمل ويسدي له النصح في مجالات شتى استطاع من خلالها أن يصبح رجل أعمال متميز.. يقول هذا الرجل لم أنم ليلة واحدة إلا وأنا افكر كيف استطيع رد الجميل لهذا الرجل.. مضت الأيام وتزوج وأنجب بنين وبنات وما زال الكريم يقف إلى جانبه حتى وهو في احسن أحواله ساعد أبناءه وبناته للحصول على مراكز مهمة في المدينة.. يقول كان احرص مني عليهم وانا والدهم !! لم يشعرني يوما من الايام بانه صاحب فضل.. يقول مع مرور الأيام تحولت من باحث عن عمل لا أملك سوى قيمة «عنز» أمي إلى صاحب ملايين وقصور وتحول أهلي واخواني الى أشخاص مميزين في قريتنا المتواضعة بل أصبحوا سندا للمحتاج هناك.. وبعد هذه العشرة الطويلة مع صاحب المعروف اختلف أفراد من قبيلتي مع هذا الرجل ووصل الخلاف إلى ذروته وأصبحت بين مطرقة القبيلة والقرابة بعاداتنا وتقاليدنا وبين سندان صاحب المعروف تجاهي وتجاه ابنائي وبناتي وبدأت الضغوط والمطالبات لي بمقاطعته وعدم زيارة مجلسه أما هو فلا يزال يعاملني كما عهدته.. يقول العادات والتقاليد القبلية تلزمني بالوقوف مع أبناء عمي ضد خصمهم والقيم والمبادئ تلزمني بالوفاء لصاحب الفضل وصانع المعرف الذي لم يكن يوما يرجو مني رده.. فهل اكون المنسلخ من عشيرته وعزوته أم اكون ناكرا للجميل؟!.. تبدلت أفكاره من رد الجميل إلى كيف يتحاشى الإساءة لهذا الرجل.. استشارني قلت له إلا نكران الجميل ومن يدفعك إلى ذلك لا يستحق احترامك والعادات والتقاليد التي تجبرك لذلك من احترامك لنفسك أن ترفضها.. هذا ودمتم.
[email protected]