في السياسة لا يوجد حب وكراهية، لا صديق دائم ولا عدو دائم، صديق اليوم قد يكون عدوا غدا وعدو الأمس قد يصبح الصديق المقرب غدا، والسياسي الذي يبني عمله ومهماته وفق الحب والكراهية سياسي فاشل بامتياز، فالسياسة مصالح وكما يقال هي فن الممكن والمطلوب من الساسة تحقيق المصالح وفق القدرات والإمكانيات المتاحة، وفي عالم السياسة دائما ما يكون المعلن مختلف تماما عن الحقيقة ولا يحتاج رجال السياسة في أحيان كثيرة الى إظهار الحقيقة للرأي العام لاعتبارات عدة من أبرزها ان هناك ما هو أهم وهو تحقيق المصلحة لدولهم بعيدا عن الإعلام ولذلك تجد موظفي وزارة الخارجية هم اقل الموظفين تواجدا في وسائل الإعلام بل ان الكثير منهم عندما تلتقيه نادرا ما تخرج منه بمعلومة لحساسية المعلومات التي لديهم وهذا الأمر ليس في الكويت فقط وانما على مستوى العالم، المواطن الكويتي يستغرب وينتقد المواقف المتأخرة أحيانا لوزارة الخارجية، وذلك بطبيعة المجتمع الكويتي الذي اعتاد على مساحة كبيرة من الحرية والانتقاد، ولعل أزمة العمالة الفلبينية وتصريحات الرئيس الفلبيني مثال على أهمية العمل بعيدا عن العواطف والحب والكراهية، فالرأي العام كان يطالب بعواطفه بطرد وقطع العلاقات انطلاقا من دافع وطني وعدم القبول بالتعدي على الكويت وسيادتها، بينما كانت الوزارة تعمل بعيدا عن العاطفة وفي إطار المصالح والاتفاقيات الدولية حتى وصل الأمر الى ان مصلحة الكويت تتطلب إبلاغ السفير بأنه شخص غير مرغوب فيه وليس كما كانت المطالبات «بالطرد»، الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية فيينا حددت أساليب العمل حتى اختيار المفردات في العلاقات الديبلوماسية والكويت اكثر الدول رصانة وحكمة في هذا الجانب، وهنا يجب علينا جميعا تفهم ومراعاة مثل هذه الجوانب والأخذ بعين الاعتبار ان بعض المطالبات لوزارة الخارجية لن تشكل ضررا على الطرف الآخر ومنهم سفير الفلبين انما قد يكون جزءا من الضرر على الكويت وعلى المواطن إذا ما تم اتخاذ بعض القرارات دون دراسة وبعاطفة، بل ان مثل هذه القرارات قد تتجاوز الفلبين الى دول أخرى لاعتبارات عدة ولعل ما يحسب للسياسة الخارجية تمكنها من التعامل بمهنية عالية وديبلوماسية محترفة وحصر الخلاف في الرئيس الفلبيني والسفير وعدم تجاوز الأمر الى الشعب الفلبيني، الجميع يحب الكويت ولا يقبل المساس بها ومن حب الكويت عدم المبالغة في ردود الفعل وترك الامر لأصحاب الاختصاص لحساسية الموضوع وأبعاده التي نجهلها حتى تتخذ القرارات المناسبة في الأوقات المناسبة وهذه هي المهمة الأصيلة لوزارة الخارجية وقناعتي ان نائب وزارة الخارجية خالد الجارالله ومساعد وزير الخارجية لشؤون المراسم ضاري العجران لديهما المفاتيح والاسرار التي نجهلها وتختلف تماما عما يدور بيننا وفي وسائل الاعلام ولحساسية العلاقات الديبلوماسية اتركوا لهما الامر مزيدا من الوقت لتحقيق مصلحة الكويت بعيدا عن العاطفة. خصوصا ان كثيرا من المطالبين بالطرد وقطع العلاقة اقصى ما يعرفه عن الفلبين هو «كومستكا» و«مابوتي».... هذا ودمتم.
[email protected]