منذ بداية الازمة الخليجية وحتى القمة الأخيرة في الرياض والمشهد الإعلامي يعج بالأصوات التي تهدم ولا تبني مع تراجع للصوت المعتدل والمنطقي الرصين الى ان اختفى تماما لأسباب عدة منها تعرض أصحابه للهجوم والتشكيك ليس من طرف واحد أو اتجاه معين إنما من جميع الأطراف كون رأيه وفق المعطيات والمعلومات المتوافرة، وبالتالي فلن يعجب الجميع وان اعجب احدهم اليوم اختلف معه في الغد.
ارتفاع الأصوات الموجهة وغياب الصوت الصادق جاء نتيجة طبيعية لحالة الاستقطاب التي شهدتها الفترة الاخيرة، لدرجة ان التصنيف أصبح لا يحتاج جهدا.
فالقناة التي تريد أن تنتقد السعودية تستضيف «فلان» والإعلامي الذي يريد نقد قطر يقابل «فلنتان»، وهنا الخطورة، فهؤلاء الاشخاص مهمتهم اضافة مزيد من حطب الحقد والكراهية والكذب على نار الأزمة لتمتد اكثر وتصل الى الجميع وتحرق اكثر بدلا من انقاذ ما يمكن انقاذه.
ولعل كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد في القمة الخليجية الدليل على اهمية هذا الجانب، ومطالبته بإيقاف الحملات الاعلامية في اشارة الى ان البداية الفعلية لحل الخلاف هي ايقاف حالة الاستقطاب والبرامج المسيئة الى رموز وشعوب دول الخليج.
لن يكون هناك مجال لتهدئة النفوس والتقارب في ظل وجود اعلامي يطعن في حاكم خليجي وآخر يسخر ويتهكم على دولة شقيقة بنظامها وشعبها.
ولن تكون هناك نقاط التقاء في ظل غياب الصوت المعتدل الذي يبحث عن هذه النقاط، ويهيئ الظروف للوصول اليها، آخذا بعين الاعتبار مصلحة الجميع لا العمل لإرضاء طرف على حساب آخر.
حان الوقت لعودة اصحاب هذه الاصوات المعتدلة العلمية لنشاهدهم على شاشات جميع القنوات الفضائية خلاف ما اعتدنا عليه سابقا حيث نرى من يهاجم السعودية والامارات على الجزيرة ومن يهاجم قطر على العربية وهكذا.
بل ان هذا التصنيف وصل الى المشاهدين، اذ يشاهد كل شخص قناة واعلام الدولة التي يميل اليها او يرى صحة موقفها.
كفى بكل ما تعنيه الكلمة والمسؤولية على الجميع ان كنا نريد الحل، فالضرر يصل الى دول الخليج دون استثناء ليصل الامر الى تراجع اهمية مجلس التعاون الخليجي امام دول العالم وأمام المنظمات الدولية.
هذا ودمتم.
[email protected]