عادة ما يعتقد الناس أن كلمة قائد ومدير هما وجهان لعملة واحدة ويحملان نفس المعنى، ولكن الواقع غير ذلك فإذا أردت أن تعرف الفرق بين المدير والقائد فلن يحتاج ذلك إلى وقت أو جهد، حيث إن مراجعة قرارات كل منهما في أي مؤسسة وكيفية اتخاذها ومردودها على المؤسسة تكفي لمعرفة الفرق، إذ ان المدير يتخذ قراراته منفردا وكردود أفعال بينما القائد تكون لديه رؤية واضحة ويتخذ القرارات بناء على أسس علمية وتشاورية ويتابع نتائج قراراته بعد اتخاذها.
وكذلك فإن المدير أحيانا يكون قد فاز بالمنصب بالباراشوت أو بالواسطة أو بالمجاملات وأحيانا لا تكون له علاقة بطبيعة عمله بالمؤسسة التي يديرها وبمن يعملون بها ودائما يستخدم أسلوب الرئيس والمرؤوس ويحافظ على القيام بالعمل بنفس الطريقة في النظام الجامد وتخطيطه قصير ويعتمد على الوقت الحاضر ويحرص على بقاء الأوضاع على ما هي عليه.
أما القائد فإنه يحصل على منصبه بعد اجتياز الاختبارات والتحديات والمنافسة الموضوعية وغالبا تكون آلية الاختيار تحقق العدالة وتكافؤ الفرص بين المتقدمين للمنصب ويحرص على عمل الأفضل غالبا ويتميز ببعد النظر المستقبلي والقدرة على التخطيط ويبحث دائما عن التغيير ويحرص على المشاركة مع الآخرين في المؤسسة ويحرص على صنع الأبطال في العمل ويهتم بروح الفريق ويحظى بعلاقات طيبة مع من يتعامل معهم.
إن أي مؤسسة يقودها قائد تختلف عن الأخرى التي يقودها المدير، حيث إن الأولى تحصد التميز والإبداع والتجديد والثقة بين المتعاملين معها أما الثانية فهي مجرد مكان للعمل انتظارا للتقاعد أو لفرصة عمل أخرى أفضل وترقيات ومكافآت بالمجاملات.
عندما توكل أمور المؤسسة إلى قائد فإن ذلك هو الاستثمار الحقيقي في رأس المال البشري وسط عالم يموج بالإبداع والابتكار والتنافس في جميع نواحي الحياة، وخاصة لأي مؤسسة تسعى لتحقيق مكانة عالمية متميزة وموقع مرموق بين الدول والمجتمعات.
وذلك ينطبق على كل المؤسسات سواء كانت مؤسسات ربحية أو خدمية وعلى جميع المستويات حيث ان أي مؤسسة لها دورها في منظومة التنمية الوطنية والتنمية المستدامة.
ولو نظرنا حولنا لوجدنا بعض المؤسسات التي انهارت بسبب تعيين مدراء فيها بينما تفوقت مؤسسات أخرى بقياداتها التي تمتلك الرؤية ومقومات الإبداع والتميز بعيدا عن المجاملات والولاء.
أتمنى أن نرى آلية جديدة لاختيار القيادات لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتطوير الخدمات في المؤسسات وتحسين أدائها والحصول على ثقة المتعاملين معها، ولتكون هناك رؤية تطويرية إبداعية يشهد لها الجميع وبعيدا عن أي مجاملات على حساب العمل.
وقد تموت مؤسسات إكلينيكيا عندما يتولى أمورها مدراء وليسوا قادة يعملون بردود الأفعال وبدون رؤية مستقبلية واضحة وتنطلق مؤسسات أخرى وتنتعش وتزدهر لتولي أمورها من قبل قادة مبدعين يمتلكون الرؤية الثاقبة ويحفزون العاملين معهم للإبداع والتميز.