قال بايدن: تبرئة ترامب تثبت هشاشة الديموقراطية في بلادنا. هكذا كان تصريح رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم بعد جلسة الكونغرس الأميركي إثر أحداث اقتحامه غير المسبوقة من قبل، وعندما يصدر هذا التصريح من بايدن فإنه يعتبر تشخيصا وليس علاجا أو علاجا وتأهيلا، فقد كانت الديموقراطية سلعة رائجة في جميع أنحاء العالم بعد الحرب العالمية الثانية ويتشدق بها القادة والزعماء والمنظمات الدولية.
ولكن يبدو أن الرئيس الأميركي الجديد أدرك التشخيص ولم يفصح عن علاج داء هشاشة الديموقراطية بأشكاله المختلفة، فهو ليس سلالة أميركية فقط بل انتشر في العالم ويقتضي حملات واسعة للتطعيم الإنساني والسياسي لكل الشعوب من دون أي استثناء لأن منظومة الديموقراطية لن تبقى مع وجود واستمرار ممارسات مقيدة لحقوق الإنسان أو تمييزية أو ممارسات تقيد حرية الرأي أو تدخل في نزاهة النظام الانتخابي.
وعندما يشخص الرئيس الأميركي هشاشة الديموقراطية فهذا يجب أن يكون انطلاقة للحوارات المستقلة وصولا إلى علاج الداء الذي قد تمتد تداعياته إلى أبعد مما نتصور إنسانيا وسياسيا واقتصاديا على امتداد العالم.
لقد عاش العالم منذ عدة عقود حلم الديموقراطية الأميركية ثم استيقظ على كلمات الرئيس بايدن ليكتشف الجميع أنه كان حلما وأنه آن الأوان لنعيش الواقع ونعيد الحديث عن الديموقراطية، لكن الديموقراطية غير الهشة وبممارسات وأساليب جادة وبعيدة عن الأحلام.
وعندما نعود إلى التاريخ فإننا نعلم أن قيادة أميركا للعالم منذ الحرب العالمية الثانية كانت تعرف بقوة المبادئ مثل الديموقراطية وحقوق الإنسان إلى جانب القوة العسكرية والعلمية وثقة العالم في الحلم الأميركي الواعد وكانت الديموقراطية هي كلمة السر أو السلاح الأميركي الرادع للعديد من الصراعات في جميع أنحاء العالم، بل مازالت الديموقراطية تغلب على الخطاب الأميركي الموجه إلى مختلف شعوب ودول العالم.
إن علاج الديموقراطية الهشة لا يحتاج إلى استقدام خبراء أو استشاريين أو قرارات إيفاد للعلاج في الخارج أو عقود استشارية ووسطاء وعمولات ولكن العلاج بالداخل هو الأجدى والتحدي الكبير ما دام النموذج الأميركي قد أصبح هشا بشهادة رئيس الولايات المتحدة في أول أيام مزاولة عمله بالبيت الأبيض لقيادة العالم بالقيم الأميركية ومن بينها الديموقراطية الهشة.
وهل هشاشة الديموقراطية وباء أو جائحة أو تحور؟ وهل يتطلب علاجها حجرا مؤسسيا أو منزليا أو توعية أو إجراءات مشددة أو تعديلات تشريعية أو طعوما واقية أو ضخ مساعدات للمتضررين؟ وهل آن الأوان للتفكير في علاج هشاشة الديموقراطية ولو بالأعشاب التي تنبت في تربة العالم الثالث بدلا من العلاج بالأدوية والعقاقير الأميركية المنشأ.