يحتفل العالم في الحادي والعشرين من شهر مارس من كل عام باليوم العالمي للشعر، بناء على قرار منظمة اليونسكو بالأمم المتحدة الصادر في دورته الثلاثين المنعقدة في باريس عام 1999 بهدف دعم التنوع اللغوي، وذلك لأن الشعر يمكنه أن يلبي الاحتياجات الجمالية إذا اعترف بدوره الاجتماعي في مجال التواصل بين البشر ويشكل أداة لإيقاظ الوعي والتعبير عنه. ويعتبر اليوم العالمي للشعر فرصة لتكريم الشعراء ولإحياء التقليد الشفهي للأمسيات الشعرية.
ومنذ عشرين عاما يشهد العالم حركة حقيقية لصالح الشعر، فقد تكاثرت الأنشطة الشعرية في مختلف دول العالم وأصبح يعبر عن حاجة اجتماعية تدفع الشباب على وجه الخصوص للعودة إلى المنابع وتشكل وسيلة يمكنهم بها مواجهة الذات. إن الشعر هو أحد أشكال التعبير وأحد مظاهر الهوية اللغوية والثقافية وهما أغنى ما تمتلكه الإنسانية، والشعر منذ قديم الزمان يخاطب القيم الإنسانية التي تتقاسمها كل الشعوب وهو يحول كلمات القصائد البسيطة إلى حافز كبير للحوار والسلام. إن الشعر هو نوع أدبي خاص ولا يتقنه إلا من وهب حسن الكلم والإبداع، ولا يعرف أول بيت شعري لأول ناطق به، ولكن الباحثين أكدوا أن الشعر سبق عصر الكتابة وكان إحدى وسائل التعبير في مجتمعات قديمة، وهو أحد الطقوس التي كان اليونانيون القدماء يتعبدون بها. وحسبما تراه اليونيسكو أن للشعر أثرا كبيرا في تعزيز إنسانيتنا المشتركة، حيث ان جميع الأفراد في كل أرجاء العالم يتشاطرون نفس التساؤلات والمشاعر.
وأثبت الشعر، الذي يعد حجر الأساس في الحفاظ على الهوية والتقاليد الثقافية الشفهية، على مر العصور، قدرته الفائقة على التواصل العميق للثقافات المتنوعة. والشعر كما يعرفه العرب أنه كلام موزون له قافية محددة ويعبر به الشاعر عن أفكاره وميوله ومشاعره، وعرف هذا الفن منذ زمن طويل، حيث كان الجاهليون قبل الإسلام ينظمون الشعر، ثم ظهرت بعض التعديلات نتيجة تطور الزمن وظهرت أنواع أخرى من الشعر مثل الشعر الحر. وللشعر العربي أهداف يرمي إليها تسمى بأغراض الشعر العربي، والقصد منها أنها الموضوعات التي نظم فيها الشعراء شعرهم مثل المدح والهجاء والرثاء. ويزخر الشعر العربي بالعديد من الصور الشعرية المثيرة للإعجاب في مجال الفخر.
ومن أبرزها ما قاله عنترة العبسي:
هلا سألت الخيل يا بنت مالك
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
يخبرك من شهد الوقيعة أنني
أغشى الوغى وأعف عند المغنم
وفي الهجاء فقد اشتهر بيت للإمام الشافعي يقول فيه:
تموت الأسود في الغابات جوعا
ولحم الضأن تأكله الكلاب
وعبد قد ينام على حرير
وذو نسب مفارشه التراب
وقد اعتبر النقاد أن الشعر العربي هو مصدر حكمة وتربية وتهذيب، والتاريخ العربي المعاصر يحمل بين طياته الكثير من الأمثلة حول تأثيرات الشعر في أوضاع البلدان المختلفة.