يستمد الطفل ثقافته من منابع كثيرة ومتعددة قد يختارها بنفسه، وقد يحيطه بها المجتمع سواء كانت أفلاما أو ألعابا أو قصصا أو غيرها طبقا لظروف العصر والإمكانات المتاحة، ولكن لا يختلف الجميع على أن التقنيات الحديثة في التواصل والمعلومات والإخراج الفني بدأت تفرض نفسها وتتقدم على الكتب والصحف والوسائل التقليدية.
وفي عالمنا الحاضر، وبعد صدور اتفاقية حقوق الطفل من الأمم المتحدة وقوانين حماية حقوق الطفل، فقد أصبح لزاما على الدول أن تولي اهتماما أكبر بثقافة الطفل وتكوينه المعرفي الحر، وهذا يتطلب وجود خطط واضحة المعالم والأهداف ومحددة المسؤوليات ومتعددة التخصصات في ثقافة الطفل بما يتناسب مع عمر كل طفل واختياراته.
وعندما نتذكر اهتمامات الإعلام وبرنامج ماما أنيسة والعربي الصغير ومجلات الأطفال، فإننا نتساءل عما قدمنا ونقدم من وجبات ثقافية لأطفالنا الآن، خاصة بعد وضوح حقوقهم بالقانون وبعد أن أصبحت أمامنا الكثير من الإمكانات الحديثة والتي من حق الطفل الاستفادة منها، إذ إن عصور حكايات ما قبل النوم قد انتهت.
إنني أدعو كل جهات الدولة وفي مقدمتها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أن تعلن للمجتمع عن خططها وبرامجها لثقافة الطفل والتزامها بصون حقوقه في الثقافة والمعرفة بعيدا عن أي شعارات أو كلمات رنانة لأن نمو الطفل الثقافي لا يقل أهمية عن النمو الجسماني وتغذية العقل لا تقل أهمية عن تغذية الجسد. وعندما يتذكر أي منا تجربته كطفل مع الثقافة سندرك حجم الأمانة والمسؤولية حيال تنشئة أطفالنا وأحفادنا بما يتوافق مع قيم المجتمع وتحديات العصر الحديث.
إن حاجة الطفل إلى روافد مشبعة للثقافة لا تقل أهمية عن حاجته للرضاعة الطبيعية المشبعة، ولذلك لابد من قيامنا بمسؤولياتنا الكاملة حيال أطفالنا لإشباعهم ثقافيا طوال مرحلة الطفولة حتى لا تصبح معدلات تزويد الأطفال بحاجاتهم الثقافية متواضعة أو شديدة التواضع مثل معدلات الرضاعة الطبيعية التي تراجعت كثيرا مما كان له تأثيره على الإشباع العاطفي والنمو الجسماني للأطفال وما ترتب عليه من تداعيات ليست قصيرة المدى.
لا بد أن يتكاتف الجميع لتلبية احتياجات الأطفال بالمعرفة وصقل مواهبهم ليكون لدينا أطفال مبدعون يمكن للوطن الاعتماد عليهم للتقدم المرغوب وتحقيق رؤية كويت المستقبل.