على الرغم من مرور أكثر من خمسة عقود على صدور وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من الأمم المتحدة، وعلى الرغم من تعدد المنظمات والهيئات والمواثيق الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي من بينها مواثيق عربية، إلا أن التقرير السنوي الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية عن حقوق الإنسان بدول العالم يحظى باهتمامات خاصة جدا لأن مصدره هو أكبر وأقوى دولة في العالم.
إن هذا التقرير يمس العديد من السياسات والإجراءات والتشريعات ومجالات الحياة المختلفة سواء كانت تشريعات وطنية أو حق التعبير عن الرأي أو حقوق الأقليات والفئات الضعيفة أو الحق في الصحة أو الحق في المعرفة أو الحق في التعليم.
ولو لم يكن مصدر التقرير هو أكبر دولة في العالم لكانت ردود الأفعال لا يمكن التنبؤ بها أو بتداعياتها من حيث الاحتجاجات سواء من السلطات الوطنية التي لا تقبل المساس بسيادتها، وتعتبر مثل تلك التقارير تدخلات في الشؤون الداخلية ومساسا بالسيادة والكرامة الوطنية، ولكن صدور التقرير الذي نشر بشفافية كاملة، وأصبح ملخصه متداولا على الملأ ومتاحا للجميع فإن التفاعل المنطقي مع هذا التقرير هو دراسة محتواه بحكمة وموضوعية وبعيدا عن الانفعالات وردود الأفعال.
ودراسة هذا التقرير يجب أن تقوم بها الجهات المتعددة ذات الصلة به والتي تناولها التقرير سواء بالتصريح أو بالتلميح وهي جهات متعددة، ومن المؤكد أن بها كوادر متخصصة وتستطيع التعامل بحكمة وحنكة وعقلانية مع مثل تلك العواصف، وكذلك فإنه من حسن الحظ أن لدينا ديوانا مستقلا لحقوق الإنسان ومجتمعا مدنيا وجمعيات نفع عام وصحافة حرة ونشطاء في جميع المجالات والذين يجب دعوتهم للتعامل بموضوعية مع التقرير السنوي الأميركي لحقوق الإنسان وما تضمنه من ملاحظات عن حقوق الإنسان بالكويت في المجالات المختلفة والتي يجب تفنيدها والرد الموضوعي عليها بالأدلة والحجج وليس بالعبارات البليغة فقط.
ويجب ألا ننسى أن حقوق الإنسان أصبحت كلمات حق يراد بها غير ذلك في السياسات الخارجية، وتجد أصداء وردود أفعال مثيرة في الأوساط المختلفة أحيانا لإحراج الدول وابتزازها في المواقف المختلفة إن لم تبادر باتخاذ مواقف موضوعية حيال تلك التقارير والإرهاصات التي تحفل بها.