بعد مرور أكثر من عام كامل على مختلف دول العالم منذ بداية جائحة كورونا المستجد التي هزت بعنف اقتصادات العالم وكانت لها ومازالت تداعيات على النظم الصحية والسياسية والاجتماعية والنفسية، إلى متى ستستمر هذه التداعيات وكيف ومتى سينجح العالم في احتوائها ووقفها، فقد نشرت منظمة الصحة العالمية على موقعها تقريرا مهما يوثق زيارتها لجمهورية الصين خلال الفترة من 14 يناير إلى 10 فبراير من عام 2021 بحثا عن الحقيقة ومصدر فيروس كورونا المستجد.
وقد تمت الزيارة بناء على قرار جمعية الصحة العالمية بعد أن قام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب باتهام الصين ومنظمة الصحة العالمية وتحميلهم المسؤولية عن هذه الجائحة وتداعياتها على جميع دول العالم حيث كانت الأدوات والأجندات السياسية تفرض نفسها على العديد من الإجراءات وحتى الدراسات المتعلقة بكورونا المستجد.
وبعد أن هدأت العاصفة قليلا ذهب الوفد الطبي والعلمي رفيع المستوى إلى الصين في تلك المهمة الشاقة وتم نشر حدود مهمة الفريق واستعراض ما أتيح له من بيانات ومعلومات ومشاهدات في تلك الزيارة الميدانية والاجتماعات العلمية.
وقد انتهى التقرير إلى الخلاصة التي أعلنها مدير عام منظمة الصحة العالمية في بيان صحافي بثه يوم 30 مارس 2021، وهي أن «جميع الفرضيات مطروحة على الطاولة»، وأن هذا التقرير بداية مهمة، ولكنه ليس نهاية المطاف ولا يمكن لرحلة بحث واحدة أن تقدم جميع الإجابات ولابد من إجراء المزيد من الدراسات، وهو الدرس المستفاد الذي يجب أن يتعلمه المبتدئون الذين يطلقون التصريحات الإعلامية غير الناضجة ويسارعون بالنفي أو التأييد أو الموافقة على آراء مازالت تحتاج إلى المزيد من الدراسات أو مازالت الخيارات مطروحة على الطاولة.
وعندما يتعلق الخطاب الإعلامي بجائحة كورونا المستجد، فإن الفريق الاستشاري رفيع المستوى ومدير عام منظمة الصحة العالمية لم تبهرهم أضواء الإعلام ولم ينزلقوا إلى إطلاق تصريحات عن أمور مازالت تحتاج إلى المزيد من الدراسات، وأتمنى أن هذه الرسالة وما تحمله من دروس مستفادة تكون وصلت إلى من نحب لهم أن يقرأوها جيدا ويفهموا فحواها.
وأرجو من المسؤولين عن الإعلام ممن أعطيناهم الثقة لتحمل هذه المسؤولية الإعلامية ضمن منظومة التصدي لجائحة كورونا المستجد الاطلاع على هذا التقرير والاستفادة منه، حيث إنه متاح بشفافية كاملة على موقع المنظمة ولا توجد عوائق أو عقوبات أو تعقب لكل من يحاول الوصول إليه.