تاريخ الأمم والأوطان ليس مجرد مخطوطات جميلة أو رسوم على الأحجار لكنه الأساس للحاضر والمستقبل ومنبع خصب للدروس المستفادة للأجيال المتعاقبة، وإن مسؤولية وأمانة كتابة التاريخ، من الشهود الثقة الذين عاشوا الأحداث التاريخية وكانوا شركاء وشهودا عليها من مواقعهم المختلفة، واجب وطني ولا يحتاجان لتكليف أو دعوة.
إن أحداث معركة تحرير الكويت عام 1991 يجب توثيقها بموضوعية ولا أعني المعركة العسكرية للتحالف الدولي لتحرير الكويت ولكن أعني المعركة الديبلوماسية والسياسية التي لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية للتحالف الدولي. فمنذ اللحظات الأولى للغزو العراقي الآثم في أغسطس 1990 وحتى عودة الكويت حرة مستقلة ذات سيادة كانت المعركة الديبلوماسية والسياسية تدور رحاها في أروقة الأمم المتحدة، وكلنا نتذكر كلمة المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الأحمد الصباح أمام الأمم المتحدة، لكن الذاكرة بعد عدة عقود لا تكفي وحدها للتاريخ.
كذلك، شهدت عواصم العالم جولات ومحادثات مكوكية خلال تلك الفترة شارك فيها الديبلوماسيون ورجال السياسة، وبالقطع كان شاهدا عليها بل وشريكا رئيسيا بها نخبة من الديبلوماسيين الكويتيين الذين كانوا يتحملون المسؤولية سواء بوزارة الخارجية أو الوفد الدائم للكويت بالأمم المتحدة، وأعتقد أن لديهم الكثير مما يستحق التسجيل للتاريخ.
لقد أصبح الآن الوقت ملائما ليقوم كل ديبلوماسي كويتي كان شريكا أو شاهدا على المعارك الديبلوماسية لتحرير الكويت بتسجيل وتوثيق شهادته للتاريخ، ولتضاف إلى رصيد الأمة، حيث إن مرور عدة عقود على تحرير الكويت قد يؤثر على التوثيق التاريخي العلمي وقد يحرم الأجيال القادمة من شهادات مهمة، والتي بلا شك سيكون لتسجيل أحداثها وأسرارها بأقلام كويتية نكهة مختلفة عما تم عرضه بمذكرات ويوميات صدرت عن شخصيات غير كويتية وتناولت بعض المواقف والأحداث المتعلقة بإدارة معركة تحرير الكويت، والتي مازال لم يكشف الكثير عن أسرارها.
إنها دعوة إلى كل من يهمه الأمر لتبني تسجيل المعركة الديبلوماسية لتحرير الكويت بأيدي الديبلوماسيين الكويتيين الذين لم تقل أدوارهم عن أدوار القادة العسكريين بالتحالف الدولي لكنهم لم يتقدموا الصفوف الأمامية لتسجيل شهاداتهم كشركاء بمعركة تحرير الوطن وتركوا التسجيل والتوثيق بالمذكرات لغيرهم، على الرغم من أنها مسؤولية وطنية في المقام الأول وصفحات مهمة من تاريخ الدولة والشعب، ويجب توثيقها قبل فوات الأوان.