بعد التحرر ولو جزئيا من القيود التي فرضت على المجتمعات والأسر والحياة في مختلف المجالات بسبب جائحة كورونا، أصبح على المتخصصين التفكير في إجراءات التأهيل الواجب اتخاذها، حيث إن الدراسات أثبتت العلاقة بين القيود وازدياد معدلات العنف وبصفة خاصة العنف المنزلي إلى جانب ازدياد معدلات الطلاق.
ويبدو أن أكثر المتضررين من القيود كانت النساء بسبب مكوثهن في المنزل لفترات طويلة ومتابعة دراسة الأبناء «أونلاين» والقيام بالمهام المنزلية معظم الوقت وعدم الحصول على القسط الكافي من الراحة، أما من حيث الصحة النفسية فقد أدت القيود إلى الاكتئاب والعدوانية والانتحار في بعض الأحيان، ومن حيث زيادة معدلات الأمراض المزمنة ومضاعفاتها فإن توقف أو تراجع الخدمات خلال الجائحة وإغلاق العيادات أدى إلى تأخر متابعة المرضى بأمراض مزمنة وعرقلة انتظامهم على الحصول على العلاج والمشورة الطبية.
وتوضح العديد من التقارير والدراسات ما آلت إليه الخدمات الصحية بسبب انشغال مقدمي الرعاية الصحية باحتواء كورونا المستجد كأولوية تعلو غيرها من الأولويات وتراجع الاهتمام ببرامج هامة للوقاية والتصدي لعوامل الخطورة والأمراض المزمنة مثل مكافحة التدخين والتصدي للسمنة وزيادة الوزن والتغذية غير الصحية والخمول البدني وكلها برامج مهمة لم يكن مقبولا توقفها أو التراجع في معدلات إنجازها وارتباطها بجودة الحياة والالتزام بالغايات العالمية للتنمية المستدامة حتى عام 2030 ذات العلاقة بالصحة.
والآن يجب ألا نتوقف عن إعادة ترتيب الأوراق وإعادة التخطيط لتجاوز تداعيات الانشغال في التصدي لكورونا على جودة الحياة وعلى البرامج الصحية المختلفة ضمن خطط التنمية المستدامة.
ويجب ألا يستمر انشغالنا بكورونا على الالتزامات نحو البرامج العديدة الأخرى الهامة لدفع مسيرة التنمية وحتى لا تتوقف عجلة التنمية ويصعب إعادة تحريكها بسهولة.
وأعتقد أن التقييم الصادق والموضوعي لتداعيات كورونا على البرامج الصحية للتخطيط المبني على المؤشرات وإعادة قراءة ملامح الوضع الحالي دون تهوين أو تهويل وتحليل الدروس المستفادة مع إضافة برامج ضرورية لإعادة التأهيل الصحي بعد التحرر من قيود كورونا التي أرهقت الجميع بمن فيهم المتخصصون في التخطيط وواضعو السياسات ومتخذو القرارات على جميع المستويات والذين يجب أن يحصلوا على القسط اللازم من الراحة ليزيد إنتاجهم ولا يحترقون وظيفيا.