تناولت المواقع الإخبارية منذ عدة أيام خبرا منقولا عن أحد كبار المسؤولين في التخطيط ولم يبين الخبر إن كان محتواه رأيا شخصيا أو أنه توجه رسمي حكومي، والخبر يزف بشرى خصخصة الخدمات الحكومية الحيوية وفي مقدمتها التعليم والصحة بمعنى أن يتولى القطاع الخاص تقديم تلك الخدمات مباشرة بدلا من الإدارة الحكومية.
وهذا الحديث إن كان رأيا شخصيا أو توجها رسميا يهم كل مواطن تتأثر حياته بتلك الخدمات أو تلك الحقوق التي تكفلها له الدولة بموجب الدستور والقوانين، ومن حقي وحق أي مواطن أن نتساءل عن مبرر خصخصة تلك الخدمات وهل المبرر لتنشيط القطاع الخاص الوطني أو لتطوير الإدارة أو أن المبرر لتحقيق أرباح كثيرة أو أنه تنفيذا لتوصيات تقارير دولية عن الإصلاح الاقتصادي وإعادة هيكلة الخدمات.
ومن حق كل مواطن أيضا أن يعرف ما له وما عليه من هذا التوجه الذي بلا شك سيؤثر على مجريات الحياة اليومية مهما كانت مهارات التسويق السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمثل تلك السياسات الجديدة التي تمر الآن بمرحلة «جس النبض» لردود الأفعال قبل التمرير الرسمي المخطط له.
وأعتقد أنه لدينا من المؤسسات والمتخصصين وبيوت الخبرة ما يمكن معه طرح مثل تلك السياسات للحوار العام بشأنها قبل تسويقها.
ويجب على المجتمع المدني أن يناقش بموضوعية البعد الاجتماعي لخصخصة الخدمات الحيوية وتداعياتها على أصحاب الدخول المتوسطة بالشرائح الاجتماعية المختلفة مع الاستفادة من تجارب الدول المختلفة التي نفذت من قبل سياسات الخصخصة للتعليم والصحة، حيث إنهما الركيزتان الرئيسيتان للتنمية الشاملة التي يحلم بها كل مواطن.
إن سياسة الخصخصة قد تنطلي على البسطاء ولكنها في الواقع تنقض على أصول الخدمات الصحية والتعليمية التي هي ملك للشعب ويجب عدم محاولة الاقتراب منها إلا لحمايتها من الفساد وسوء الإدارة.
وأرجو من ممثلي الشعب في مجلس الأمة أن يوفوا بالقسم الذي أقسموه لحماية مصالح الشعب وأمواله وعدم السماح بأي سياسات تمس جيب المواطن وصحته وحياته وتعليم أبنائه أو المساس بحقوقه التي كفلها له الدستور الذي نجتمع جميعا حوله كناخبين وكمواطنين وممثلي الشعب بمجلس الأمة ولا يجب قبول أي محاولات للالتفاف عليه بأي ذريعة مهما كانت.