الهيكل التنظيمي في أي وزارة أو مؤسسة يكاد يشبه الهيكل العظمي الحركي لجسم الإنسان، فلكل عضو أو مفصل بالجسم وظيفة ومكان محدد، إذ تعمل كل الأعضاء بتناسق تام لأداء وظائف الجسم.
ولكن في بعض المؤسسات والوزارات الصورة مختلفة تماما بسبب العشوائيات في الهياكل التنظيمية وغياب الرؤية والاستراتيجيات والقرارات غير المدروسة التي تمسها لأسباب أحيانا تكون شخصية لا علاقة لها بالمصلحة العامة فتكون النتيجة خللا في الأداء وأعباء على الميزانية وهدرا بالموارد.
واعتقد أنه قد آن الأوان لقيام مجلس الخدمة المدنية بدوره في تقييم الوضع الحالي بالهياكل التنظيمية وحصر المخالفات وأسبابها وتكلفتها وعدم التسامح في محاولات العبث فيها ووضع آلية ومبررات لدراسة أي تعديلات أو مقترحات تتفق مع رؤية واضحة وإستراتيجيات مبنية على الدراسات الموثوق بها، حيث ان تعديل الهياكل التنظيمية لا يجب أن يخضع لأهواء ومصالح ومآرب شخصية.
وهناك بلا شك العديد من أمثلة للمخالفات في الهياكل التنظيمية التي تكتب عنها الجهات الرقابية في تقاريرها، ولكن لا توجد الأدوات التي تمكنها من متابعة تلك الملاحظات ومحاسبة المسؤولين عنها واجتثاث أسبابها وإن أعطيت الصلاحيات اللازمة للجهات الرقابية في هذا الصدد فلن يجرؤ أحد على اتخاذ مثل تلك القرارات التي تمس الهياكل التنظيمية وتكبد ميزانية الدولة الكثير من المال العام.
ومن المثير للدهشة أن بعض المسؤولين يتعاملون مع الهياكل التنظيمية وكأنها هيكل لسكنهم الخاص دون وجود رؤية أو استراتيجية أو أي مبررات لتعديلها التي لا يملك تعديلها إلا مجلس الوزراء بعد قيام مجلس الخدمة المدنية بدوره ومسؤولياته لدراستها وإبداء الرأي بها ضمن الهيكل التنظيمي للدولة ودون أي دوافع شخصية وراء تهميش قطاعات بمسؤوليها أو استحداث قطاعات وإدارات للمجاملة وإتاحة هامش أكبر للواسطات التي تضاعف الفساد الإداري والذي قد يكون أشد ضررا من الفساد المالي.
إن ضبط التجاوزات في الهياكل التنظيمية وكبح جماح نزعات التوسع غير المبرر ببعضها من شأنه أن يعيد الثقة بمؤسسات الدولة ويجفف منابع الفساد الإداري والتنفيع غير المبرر وعلى الجهات الرقابية أن تنشط وتقوم بمسؤولياتها في هذا المجال ومحاسبة المسؤولين عن الهياكل التنظيمية غير القانونية وتحميلهم الأعباء المترتبة عليها دون مجاملات.
وأتمنى أن يكون هذا الموضوع على قمة أولويات الإصلاح الإداري اللازم لبناء كويت المستقبل.